الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||
تُعدُّ مرحلة الشباب المرحلة الرئيسية للعطاء الحقيقي, ولابد أن يكون الانسان في هذه المرحلة العمرية عنصراً فعَّالاً في مجتمعه, ذات رسالة يتطلع من خلالها إلى بناء مستقبل واعدٍ ويحقق بذلك أهدافه أو بعض أهدافه, فالشباب يحملون الكثير من الطموح ويتباهون بعناصر القوة والصحة والجمال والمال, وقد ينغرُّ بعضهم إلى درجة التغافل عن الله تعالى وقدراته, فيصرفون فُتوَّتهم وقدراتهم في المغريات والشهوات, ويفوتهم التوفيق لنصرة دين الله وتحقيق مراضيه.
إن نهضة الحسين عليه السلام عكست واقع الشباب الواعي من خلال التجربة التي سطَّرها علي الأكبر عليه السلام وهو يسرد الاقوال والأفعال والمواقف ليعلَّم الشباب أن مسؤوليتهم كبيرة, فينبغي عليهم أن يجتهدوا في المسير إلى الله تعالى, ولا يخشون المنايا؛ لأنها تسير مع الناس جميعاً؛ فالمهم ان تكون مع الله حينما تفاجئك المنية, وأن تكون على الحق؛ لأن الذي يكون على الحق لا يموت, والذي يحيى على الباطل فهو غير حيِّ, ويركز علي الأكبر في مسيرته على أن المحنة الحقيقية ليست في الموت وإنما المحنة الحقيقية في موت أهدافك قبل بلوغها, لذلك فإن في مدرسة علي الأكبر لا يكفي مجرد الانتساب إلى الحق؛ بل يستلزم الدفاع عنه لكسب الحق, وشتان بين منتسب إلى الحق وبين مكتسب له.
في مدرسة علي الأكبر عليه السلام اشارات إلى الفرص الكثيرة للشباب والمغريات المختلفة التي قد تحول بينك وبين الله ورضاه؛ لذلك فإن الامر يستلزم الوعي والثبات فالجميع في ساحة المواجهة بين جمال الله تعالى واتباعه, وبين قبح الشيطان ووسواسه, فمن لم يتوفق لرؤية الحق سيكون عبداً للشيطان من حيث يعلم أو من حيث لا يعلم, لذلك لم تكن مسألة العمُر مهمة في مسيرة علي الأكبر فمسيرة النجاح والوصول إلى رضا الله تعالى لا يتقيَّد بالعمر؛ بل يتحقق بالاستعداد للتضحية في مسيرة الحق, فلا يهم حينها أوقع الموت علينا أم وقعنا عليه.
في مدرسة علي الأكبر عليه السلام نتعلم أن أفضل الناس أولهم في التقدم إلى التضحية, وآخرهم في التفكير بالغنيمة, فطريق الخلود يصنعه الانسان لنفسه, ولا يمكن أن نتصور أن اتباع الحق والثبات عليه من الأمر اليسير, فقد أكدت التجارب أن الصبر على البلاء والابتلاء يستلزم النية الصادقة والتوكل على الله تعالى, لذلك نجد أن أصحاب الحسين عليهم السلام كانوا يحرصون على استدامة النية الصادقة والتوجه الصحيح في التوكل على الله تعالى صابرين على بلاءه وشاكرين توفيقاته بعزيمة كبيرة كما أوضحها علي الاكبر عليه السلام في مسيرته ومنهجه واستعداده للشهادة التي رزقها الله تعالى له عن استحقاق وجدارة.
ــــــــــــ
https://telegram.me/buratha