قاسم الغراوي||
يتمتع الشعب العراقي بمزايا وأخلاق وسلوك لايتوفر في غالبية الشعوب في العالم على الرغم من اختلاف الأديان والمذاهب والثقافات والتوجهات الا ان السمة البارزة التي تجمع هذا الشعب الطيب الغيرة والتوادد والتراحم ومشاركة الآخرين مناسباتهم الدينية والاجتماعية وحرصهم على ديمومتها ورسوخها رغم تغير السلطات وعظمة التحديات.
للشيعة شعائر ، وللسنة مراسيم ، وللمسيحيين احتفالات ، وللكرد مناسبات ، ولليزيدية تقاليد. والجميع يحترم الاخرين والجميع يساعد ويسهم في الاحتفالات بهذه المناسبات ويقدم التهاني او التعازي حسب نوع المناسبة او يؤجل مناسبات او يلغيها تبعا لتأثير المناسبة في النفوس وهذه الممارسات جزء من تاريخ عريق ومواقف إنسانية اجتماعية في مجتمعات او محافظات تجمع هذه التنوعات المتغيرة مكانيآ لكنها متآلفة زمانيا ولم أرى اختلافا او خلافآ بين القواعد الشعبية والعوائل العراقية في هذا الجانب.
ومن المواقف الايجابية للاخوة العراقيين من المسيحيين وشعورا منهم بالتضامن مع الشيعة في فاجعة عاشوراء واستشهاد الامام الحسين (ع) صادف أكثر من مرة ان يؤجل الاخوة المسيح احتفالاتهم بميلاد السيد المسيح (ع) وراس السنة الميلادية وهذا طبيعي لان اجواء العاشر من محرم العامة يلفها الحزن اولا واحتراما لهذه الذكرى ولان الشيعة يشاركونهم الاحتفالات في كنائسهم ثانيآ ويتمتعون بعلاقات طيبة معهم.
القاعدة الأساسية التي يجب أن نلتزم بها جميعا كعراقيين هي قاعدة التعايش الإيجابي، بمعنى الاحترام المتبادل لمشاعر و أعراف و تقاليد بعضنا البعض ، كانت دينية أو غير دينية وهذا ديدننا منذ أن ولدنا وعشنا معا وتجاورنا وحملنا الهموم والظلم والقهر من السلطات عبر سنوات عجاف مرت على العراقيين لكنها لم تغير فينا هذه الممارسات او تؤثر على مشاعرنا ومحبة العراقيين وتعاطفهم مع بعضهم البعض.
من المؤسف ان تطالعنا قناة دجلة الفضائية المملوكة لجمال الكربولي واخية محمد الكربولي في العاشر من محرم بالطرب والغناء والرقص وهذا الفعل مقصود كون المؤسسة الإعلامية عادة ماتعبر عن تطلعات وافكار وتعليمات مؤسسها ونحن نعرف جيدا محمد الكربولي وتصريحاته التى تثير الجدل والكراهية والطائفية والتوتر ليسوق نفسه قائدا ومعبرا عن تطلعات (البعض) الذين ينتقدون عاشوراء ومراسيمها وهذا ليس غريبآ ابدا فنحن نعرف الحاقدين والمارقين الذين يقفون في معسكر معادي للاسلام المحمدي الذي يتجسد في ال بيت النبي (ص).
ما حدث مع قناة دجلة الفضائية كان خطأ مقصودا يجب أن يقرأ من زاوية حساسية المجتمع ( كل المجتمع ) اتجاه خرق قاعدة التعايش الإيجابي بين المكونات و اعتبار الخطأ استثناء و شواذ يجب معالجته فورا و الرجوع للقاعدة التي اجتمعت عليها هذه المكونات وعاشت معها لمئات السنين تجمعها القيم الإنسانية والتعايس السلمي بعيدآ عن طرب دجلة في واقعة احتضار الفرات باستشهاد الحسين (ع) في عاشوراء.