المقالات

لقاء مع فاسد..!

1644 2020-09-02

 

واثق الجابري|

 

جلست ذات يوم مع فاسد أعرفه، وإذا به يحدثني وكأنه معلمٌ للأخلاق والنبل والنزاهة والوطنية والأخلاق والإستراتيجية، وصفته فاسداً ولا أملك ملفات تدينه، وكل ما أعرفه انه كان من المحرومين قبل العام 2003م، وأصبح الآن يتحدث بالمليارات والعمارات والسيارات والسفرات.

الحديث الذي جمعنا، كأي حديث يومي يتحدثه العراقيون وهم متذمرون من الفساد، يتبادلون الحسرات والآهات على ضياع مليارات الدولارات، وعدم جدية وغياب مسؤولية وضعف الرقابة، لفساد ينهش جسد الدولة ومواطنيها، ولا أحد يستطيع إيقاف إنتشاره ،في ظل  تفشي الفساد وقوانين تساعد على إنتشاره، وبيروقراطية تحكم المؤسسات.

تحدث لي وهو يلعن السياسة والأحزاب والمسؤولين التنفيذيين والتشريعيين، بل حتى المواطنين الذين يعدهم سبباً لعودة الفساد بإختيار الفاسدين من خلال بيع الأصوات أو الإنتخابات تبعاً لولاءات حزبية أو عشائرية أو طائفية، ويذهب أكثر ،فيتّهم كثيراً من النخب والأعلام الذين هم بنظره يجاملون تبعاً لمصالحهم مع الجهات السياسية، حتى وصف البيئة أنها مناسبة لنمو الفساد،و يقول ثمة تفاخر بالفساد، ويتهم النزيه بالجبن، أو أنه فاسد، ويتظاهر بعكسه كي لا يُطلع أحداً.

استوقفي الكلام، وكأني أجلس أمام معلم شخص نقاط الخلل، ومنها يمكن إيجاد حلول وعلاجات للداء المُستشري في جسد الدولة، إلى حد أنه اتهم جماعات كثيرة، وعدَّ أفعالها فساداً مباشراً وغير مباشر، حتى تلك التي ينتمي إليها، وكأنه المخلص الوحيد، وفساده جزء من عمل خيري يقوم به، ولم يتبقَّ معه إلاّ آحاد بعدد الأصابع لم تتلطخ أياديهم بالفساد،.

إن حديثه لا يختلف كثيراً عن سياسيّين وأفراد، لو أتيحت لهم الفرصة لكانوا أشد فساداً، وكما يظن  أن إنتقادهم هو لغرض المنافسة وليس للإصلاح، كما ويصف الفساد بالسوء، فمعارضوه أسوأ، لذلك يقبل به ولا يرضى بالخروج منه خوفاً من الأسوأ، وشعرت من حديثه أنه يحاول إعطاء التبريرات، ولذا يعدُّ الفسادَ شجاعةً وإقداماً على تحسين ذات الفرد إجتماعياً ومادياً، وأنه فرصة قد لا تتكرر، ولابد من إستغلالها أبشع إستغلال، والموجودون جميعهم يبحثون عنها ولم تُتَحْ لهم، أو أتيحت بأقدار متفاوتة ،والعبرة بالنتائج.

أصبحت جملة من الاستنتاجات والاستفهامات واضحة، ولا أتجرأ بالسؤال عن سبب الثراء  وآليات الحصول عليه، فهو يرى وكغيره ممن تورطوا بالفساد، أنها منافسة، ولها قوانين مشجعة ومجتمع، يرسم بيئة مناسبة، ولم يَبقَ عندي إستفهامات، سوى أن أضيف هذا الحديث وأقول إلتقيت بفاسد وهكذا بقية الفاسدين، ومنهم من أبعد تفكيراً، ولا يهمه إن احترق البلد، كي يستمر الفساد، وكأنه يقول بطريقة مباشرة:« لماذا لا تكون فاسداً؟!»

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك