منهل عبد الأمير المرشدي||
يقول ابو فارس كنت امتلك سيارة في ثمانينات القرن الماضي نوع (تورن مرسيدس جنح ) واسكن محافظة السماوة وفي بداية الحرب العراقية الإيرانية توفي الحاج شمخي وهو رجل فقير اخذت جنازته وتوجهت نحو مدينة النجف الأشرف وصعد معي ابنه وكان عسكري ووصل للتو من جبهة القتال في اول ايام اجازته وكان بمنتهى الأدب والسكينة والهدوء وطوال الطريق يقرأ القرآن ويسبح لله ويبكي على أبوه ويستغفر له الى ان وصلنا الى تقاطع منطقة الشامية والشنافية كانت هناك سيطرة عسكرية هي عبارة عن خيمة وبها أفراد من الشرطة والأمن والأنضباط العسكري فتوقفنا في السيطرة فطلبوا شهادة الوفاة ثم طلبوا هوياتنا الا ان رجل الإنضباط العسكري شكك في ورقة اجازة العسكري ابن المتوفي وقال له أنزل فأجازتك مزورّة وانت هارب من الجيش .
يقول ابو فارس توسلنا بالأنضباط ساعة كاملة و لكنه أصر ان ينزله ويضعه في السجن .
فبكى المسكين ابن الميت وأقسم له انه مجاز وان هذه جنازة ابيه ويريد دفنه وحاولت انا معه وحتى قبلت يديه توسلا به أن يتركنا بحالنا فادنيا أظلمت وورائنا طريق طويل الى النجف فلم يقبل .
قال له ابن الميت خذ اوراقي وكل ما تطلبه عندك الى ان ادفن والدي وارجعلك وضعني في السجن .
يقول ابو فارس فقلت للأنضباط اقسم عليك بالله وبحق سيدنا العباس ابو فاضل سهّل أمرنا لأجل حرمة الميت ودموع ابنه كرامة للعباس ابو فاضل فإذا به يغضب علينا وقال إذا لم ينزل معي (تره انزل حتى العباس وياه ) .
يكمل ابو فارس حديثه ويقول لقد كرهت الدنيا كلها في تلك اللحظة وتمنيت لو إن صاعقة من السماء تنزل لتحرق الجميع بما فيهم انا ودمعت عيني على العسكري ابن الميت الذي لا حول له ولا قوة فسلّم امره الى الله ونزل معه وقبل ان ينزل قال لي وهو يبكي ( عمي أبو فارس روح ادفن أبوي وهاي أجرة الدفن وهذا الانضباط اذا أصبح عليه الصبح سلامات فانا اترك حتى الصلاة وبعد ما اعترف بوجود العدالة ) .
كان حتى بقية رجال الإنضباط والشرطة في السيطرة غير راضين على تصرف صاحبهم لكنهم يخافوا ان يتدخلوا في الأمر هذا .
يكمل ابو فارس ويقول توجهت نحو النجف وعيون العسكري المسكين تنظر لجنازة أبيه وقمت بالواجب من زيارة ودفن وتحديد مكان القبر ورجعت مع بداية الفجر فوصلت السيطرة وإذا بجمع من الناس وفوضى وشرطة فنزلت لأعرف ما الخبر فسألت الشرطي فقال لي هذا الإنضباط الذي انزل العسكري ابن الميت الذي كان معك انتهى واجبه في الليل وراح للخيمة كي ينام وجائت سيارة ( قچمة لوري ) تحمل الجص وفلت منها روط الأستيرن ودخلت على الخمية وسحقت راسه وتناثر مخه ومات .
تفضل خذ صاحبك لأننا اخرجناه من السجن فهو (يشوّر) وصاحب بخت وهذه مستمسكاته . يختتم كلامه ابو فارس ويقول رجعنا ونحن نتأمل بقدرة الله وعدالته في اعطائها نقدا عاجلا للظالمين إذا توفرت دمعة مظلوم بصدق ونفس طهارة وذات نقية فما بالنا اليوم ندعوا الله في حضرة الحسين والعباس عليهما السلام على السياسيين الفاسدين الشيعة والسنة والأكراد فلا يستجاب دعاؤنا فهل لم يعد فينا دموعا صادقة ونفوس زكيه وذات نقية فضاع البخت .
https://telegram.me/buratha