منهل عبد الأمير المرشدي ||
كان العميد سامي عباس مجول الراوي آمر اللواء مشاة 49 في الحرب العراقية الإيرانية التي كانت مستعرة في معارك محتدمة في ثمانينات القرن الماضي وكان مسؤولا عن حماية جزر مجنون في محافظة البصرة .
كان الرجل سليط اللسان قبيح الأخلاق مع الضباط والجنود على حد سواء ولا يتوانى اويتردد عن اطلاق النار على أي جندي او ضابط مهما كانت رتبته إذا شكّ به او ظنّ إنه تخاذل في القتال بساحة المعركة فيقتله ويكتب على تابوته كلمة جبان ويرسله الى أهله .
كان الرجل مدعوما بقوة من صدام حسين الذي كرمّه بوضع شارة حمراء على قميص الجندي في اللواء فصار الجنود يلقبونه بأبو حمرة لذلك فهو لا يخاف من احد ويفعل كل ما يشاء ويشتهي من دون خوف أو تردد أما الجنود والضباط فإنهم يخافون منه خوفا شديدا وإذا سمعوا إنه قادم اليهم ليقوم بجولة في الخطوط الأمامية للجبهة فأن وجوههم تصفّر والخوف يأخذ مأخذه فيهم أكثر من خوفهم من فذيفة مدفع او قنبرة هاون تأتيهم من الجانب الإيراني .
في يوم من الأيام ظهر صدام حسين على شاشة التلفاز وهو يكّرم بعض الضباط بأنواط الشجاعة وطلب منهم أن يلتقوا بجنودهم ويتحدثوا معهم ويستمعوا الى إحتياجاتهم وإذا بسامي الراوي وعلى غير عادته يصدر أمرا بإختيار اكبر عدد من جنود أفواج اللواء واحضارهم الى المقر الخلفي لسرية مقر اللواء ليلتقي بهم ويستمع الى طلباتهم إستجابة لأمر (الرئيس القائد) . تم تبليغ الجميع بذلك حيث تم إختيار عشرون جنديا من كل فوج وأجلسوهم على الأرض في سرية المقر وتم وضع كرسي وطاولة خاصة بأبو حمرة الذي جاء وجلس ووقف حوله ضابط الركن .
وقال لهم .. أبنائي انا هنا اليوم جئت لأستمع لكل إحتياجاتكم حسب توجيه (السيد الرئيس القائد حفظه الله ورعاه) . فقولوا كل ما عندكم ولا تخافوا . لم يصدق الجنود ما سمعوا من هذه النبرة (الأبويه) وهذا الإسلوب الجديد الحنون المتغيرّ شكلا ومضمونا من أبو حمرة . فنظر بعضهم الى بعض والكل يتردد ويخاف فأعاد أبو حمرة الطلب اليهم ان لا يترددوا ويقولوا ما عندهم .
هنا نهض جندي سائق (الكاز66) ويدعى حياوي وهو من اهالي محافظة النجف الأشرف ويلقب في الفوج بإسم حياوي قلق لإنه كان أشبه بالمخبول لا يستطيع من صياغة جملة مفيدة كاملة . فوقف حياوي ونفض التراب من بنطلونه على رؤوس اخوانه الجالسين من حوله وقال ..
(سيدي الله يحفظك إحنا ما إستلمنه (قنادر) هاي السنة ودجاج بعد ما يجينا بالغده . أدري سيدي انتم العام أكلتوا علينا القماصل وكبلها أكلتوا علينا الملابس وهاي السنة شنو راح تاكلون القنادر علينه .. )
اليوم نحتاج حياوي قلق ليقول للحكومة والسياسيين العراقيين شلع قلع . لقد اكلتوا علينا كل شيء فهل ستأكلون كل القنادر وبجميع القياسات (قبقلي وقيطان) ..