علي فضل الله||
ايران اذكى مما يتصور أعدائها، إنها دولة المؤسسات، ولأنها تراقب المشهد السياسي في العراق، بأهتمام كبير جدا، لذا فقد تخوفت من ان يصدر لقاء السيد السيستاني مع ممثلة الامين العام جينين بلاسخارت إلى الشعب العراقي، على انه توجه من المرجعية لطلب دعم اممي للاشراف على الانتخابات القادمة، وبما أن الانتخابات القادمة لها اهمية كبيرة جدا ليس على العراق والعملية السياسية فحسب، بل لها تداعيات على المنطقة وتأثيرها على تغيير موازيين القوى بحسب إرتداداتها الجيو سياسية.
مقال حسين شريعتمداري كتب بأسلوب استفساري ضم في ثناياه استفزاز بحنكة عالية، جعلها كالطعم للمتصيدين بالماء العكر ، فظاهر المقال الذي يقرأه بسطحية يتضح ان هنالك تهجم من قبل كاتب المقال، وهذا الايهام انا برأي كان متعمدا ومدروس بدراية عالية جدا من كاتب المقال، ان لم يكن فريق متكامل وراء كتابته، عد المقال بحرفية دقيقة جدا شبيهة الى حد ما بصناعة السجاد اليدوي الايراني(الكاشان)،تتضح هذه المقاربة من خلال الانتباه لطريقة الطرح المحترفة واليكم هذه الدلالات التي جاءت ضمن مقال شريعتمداري:
احاط الكاتب مقام المرجعية باحترام كبير عندما قال( فقيه فطحل وعالم رفيع الشأن) ويقصد السيد السيستاني، وتعامل مع نفسه بتواضع عالي حينما شبه دوره في المقال بهدهد سليمان، فرغم الولاية التكوينية للنبي سليمان ع وقتها الا انه كان غافلا عما يجري في بقعة معينة من المعمورة، وكأن الكاتب أراد أن يقول أن وجهة نظري جاءت لأنني ادركت ان خطابكم اي المرجعية أريد ان يستثمر لغرض أخر بعيد عن غاية السيد السيستاني.
والكاتب بعدها تكلم عن وجهة نظره في كلام المرجع السيستاني حينما نسب له هذا القول؛(طالب بأشراف ممثلين من الامم المتحدة على انتخابات العراق القادمة) مع العلم ان السيد في بيانه لم تذكر عبارة الاشراف لممثلين من الامم المتحدة، إذن لماذا فعل ذلك الكاتب؟ أعتقد أنه ومن يقف خلفه كان متوجس ان يسوق خطاب المرجعية بأنها تريد أشراف الامم المتحدة، من قبل بعض القوى السياسية وكذلك السفارة الامريكية وبعض دول المنطقة، مع غفلة القوى السياسية الشيعية وحتى الخبراء والمراقبين للمشهد السياسي عن هذه الرؤية، بهذه الاثارات المحترفة من قبل الكاتب وفريقه، حرك المياه الراكدة.
وجهة نظر الكاتب الجريئة ، كانت طعما تلقفه الاعلام الاصفر، ليعتبر كلام الكاتب تهجما على مقام المرجعية، مع العلم ان الكاتب قطع الطريق منذ البداية وبين دور السيد السيستاني وقدسية مكانته وشأن الكاتب البسيط المتوقف على نقل توجس من باب(ليطمئن قلبي)، وكان الكاتب وفريقه يدركون جيدا، أن المتربصين بأيران سيركزون على مقطع(ادعاء الكاتب ان المرجعية الدينية طلبت اشراف الامم المتحدة على انتخابات العراق)، واضيفت له بعض البهارات التزيفية من قبل الاعلام الاصفر كعبارة(عد وصحح ذلك وقل انك لم تقل)، وهنا ونتيجة هذا الاستفزاز، عاد الجميع لمراجعة بيان مكتب السيد السيستاني، وتأكد للجميع وخصوصا المختصين بالشأن السياسي وتحديدا في مجال الانتخابات، ليقطع بصورة غير مباشرة على المريدين أستغلال دور المرجعية لتحقيق مآرب خبيثة وغايات تتناسب مع ما تريده بعض السفارات في العراق، وذهبوا لابعد من ذلك تأليب الشارع العراقي على أيران، كما وأن هذه الضجة الاعلامية صنعت رأي عام وجوب استقلالية الانتخابات القادمة من اي تدخل خارجي حتى وان كانت الامم المتحدة التي هي ترجمان السياسة الامريكية.
ما يؤكد تحليلي لهذه الرؤية الفترة الزمنية، ما بين لقاء السيد السيستاني دام ظله وممثلة الامين العام للامم المتحدة جينين بلاسخارت وتاريخ نشر المقال،حيث ان الفاصل الزمني امتد لقرابة العشرة ايام، ليصاغ المقال بطريقة احترافية، يتم من خلالها لفت انتباه الجميع لمًا ارادته المرجعية الدينية وبصورة لا تقبل الشك والتأويل، لا ما خطط له ابناء السفارات، ختم الكاتب المقال بعبارة راقية (اكرر رجائي ان تصرفوا جرأة الكاتب في خانة الولاء والاحترام الذي يكنه لسماحته)، حكمة الكاتب لفتت انتباه الغافلين عما ينسج في ظلمة السياسة وخفايا الاعلام الاصفر، ليكون المقال شبيه بخندق سلمان المحمدي رض في معركة الاحزاب، ويقطع الطريق على كل السفارات وجوكرياتها .
https://telegram.me/buratha