المقالات

مَنْ اشترى بأموال العراق خمرا؟ 

1975 2020-09-30

  واثق الجابري ||

ذكرني تأخير الرواتب كل رأس شهر وصراع الحكومة والبرلمان، والجدل السياسي، بقصة بيع "الخُبّاز" وخسارة تجارته بعد أن حصلوا عليه بدون رأس مال!! يقول صديقي ذهبت إلى منطقة في الكوت، ووجدت جماعة يجنون الخُبّاز من البريّة، حيث نبت من الطبيعة بعد تساقط الأمطار، وبعد بيعه وفي ساعة المحاسبة بينهم،تراهم يشتبكون بالأيادي  ويتعاركون  ويتضاربون ويقولون: "طلعنا خسارة، طلعنا كَسِر"؟! استغرب صديقي عن سبب الخسارة، في زرع لا يدفعون ديناراً ولا يبذلون جهداً سوى حصاده بأيديهم، واستغرب أن أموال البيع ما تزال في أيديهم فمن أين جاءت الخسارة؟! تقرب صديقي وأراد حل الإشكال، ومساعدتهم في العملية الحسابية أو معرفة مَنْ سرق أموالهم وسبب الخسارة؛ فشرحوا له بعد أن وجدوه مُصرّاً على معرفة الحقيقة، وعرف أنهم قبل  أن يجنوا الخُبّاز يشترون خمراً ويشربونه، ليعدوا بائع الخمر أنهم سيعطونه المال بعد بيع المحصول، وسبب شجارهم أنهم يجدون كل يوم أن ما باعوه لا يكفي لسد سعر الخمر الذي يستهلكونه، وفي الصباح يشترون دون حساب ما سيحصلون عليه من مال، أو ماذا سيعطون للعوائل التي تنتظرهم. هذه القصة ربما لا تختلف عن قصة رأس الشهر العراقي، ورواتب المشمولين بها من موظفين ومتقاعدين ورعاية إجتماعية، ولا نتحدث عن الحكومة والبرلمان والدرجات الخاصة، فلهم ما يكفيهم لعشرات السنين، ومنهم مَنْ يقول أعمل مجاناً أو يترك عمل قطاع خاص بإيرادٍ مغرٍ، ويقولون أنه لسواد عيون العراقيين؟! ولكن يصبح ثرياً بعد هذا العمل المجاني وكما يدعي الإنساني!  توقع كثيرون بتحسن الإقتصاد رغم جائحة كورونا وإنهيار إقتصاديات دول كُبرى، إلاّ أن العراق لا يتأثر لأنه لا يملك شركات عملاقة أو مساهمة أو متعددة الجنسيات، وكل إقتصاده ريعي؛ يبيع نفطاً ويوزع عوائده رواتب، وتأخذ منه مافيات الفساد، ومع حملات أعلنها رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي، على المنافذ الحدودية، وقيل أنها وفرت عشرات المليارات، مثلما قيل أن معظم الواردات كانت لا تصل خزينة الدولة، إلاّ أن الحملة توقفت عند حدود معينة وستصبح في خبر كان، وكذلك لم ينعكس الإطاحة برؤوس فساد كبيرة، ويبدو أن هناك أكبر وأكثر حماية، مع وجود جملة واردات كالجباية والضرائب والغرامات المرورية والبلدية، ومنها غرامات بعشرات الآلاف نتيجة مخالفة حظر التجوال، وربما كان يعتقد أنها ستعوض خسائر الدولة. جانب آخر صبّ في صالح الاقتصاد العراقي، بعد إرتفاع أسعار النفط عن العام الماضي، والإكتفاء من بعض المنتجات الزراعية، ومع ذلك إبتدعت وزارة المالية إطلاق التوصيات الشهرية لصرف الرواتب، فيما تتحدث أخبار عن سرقة 6 مليارات من الأموال المقترضة من الخارج، ولا يُعرف مصداقية الإتهام؛ هل هو من البرلمان للحكومة، أو من الحكومة لإتهام قوى سياسية ولتبرير عجزها عن توفير الرواتب. يستمر الجدل ويأتي رأس الشهر ولا حلول منطقية إستراتيجية، والحكومة تطلب الإقتراض  الداخلي والخارجي بتفويض من البرلمان، والبرلمان أرجأ جلساته إلى العاشر من شهر أكتوبر، وكأن الأمر لا يعنيهم، ولم يفكر الطرفان بحل المشكلة منذ شهور. يبدو أن الحكومة والبرلمان؛ كباعة "الخُبّاز"، يجمعون الأموال وفي رقابهم دين من الصباح الباكر، ويفتتح ما يحصل عليه العراق من أموال، إلى انفاقات غير ضرورية، ويأكل منها الفساد  ومشاريع بلا جدوى وخطط وهمية، ولم يلمس العراقيون من أثر  لتلك القرارات الإنشائية، التي توقعوا منها إعادة هيبة الدولة وإسترداد أمواله المنهوبة، وكما يبدو  أن الدولة بدأت تنفق حتى من رأس المال وقد تصل إلى مرحلة العجز والشلل التام، ويحق للعراقين أن يقولوا: ( طلعنا كَسِرْ)، ويسألون من اشترى بأموال العراق خمراً؟
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاكثر مشاهدة في (المقالات)
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك