المقالات

بين شعارين: (نريد وطن, نريد راتب)


 

الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||

          استبشر الكثير من العراقيين بما يسمى بثورة تشرين التي شابها التأويلات والبعد عن الهم الوطني مع انها تزينت بشعارات براقة كشعار (نريد وطن), وما اجملها من شعار حينما يطلقها عشاق الوطن وأبناءه من دون أن يكونوا مسيرين بأجندة خارجية مسمومة تسعى إلى اشعال الشارع العراقي بزجِّ مجموعات من المسوخ تعمل على تحريف المطالب وتخريب الوطن وتعطيل الحياة  في جوانب مختلفة استجابة لأوامر خارجية كانت ولا تزال تحاول أن تجعل من العراق ساحة لتحقيق مشاريعها الاستعمارية من دون أن تفكر أن تحقق شيئاً من طموح الشعب الثائر من أجل قضيته.

          ومن المعلوم أن مع انطلاقة شرارة المظاهرات كان الهمُّ الوطني متوجاً نحو الاصلاح العام, وكان الجميع يتأمل الوصول إلى ذلك, ويوما بعد آخر أخذ الأمر ينكشف للجميع, وباتت الشعارات تتراجع وكأنها تركت الطموح لتستقرَّ عند حاجز الاستحقاق المنهوب, والأمر بات أشبه ما يكون بدرجات الشدة والقسوة فكلما زادت انكسرت أسنة الطموح لترضى بالقليل اليسير, ومثاله مثال المسجون الذي نقل من السجن العام إلى الخاص, فصار يطلب الرجوع إلى السجن العام وترك قضيته الاساسية وهي دعوة الخروج من السجن, فلما اشتد عليه الامر أكثر ونقل إلى سجن خاص صغير؛ صار يطمح فقط بالسجن الواسع حتى وإن لم يكن عاماً, ولما ضيِّق عليه أكثر صار يطالب بالسجن الانفرادي الذي كان يشكوا منه قبل ذلك, وهذا الأمر يذكرني بمطالب المتظاهرين بشكل خاص والشعب بصورة عامة؛ فبعد أن كانت المطالب تتزين بدعوة اصلاح المؤسسات وشعارات (نريد وطن), أصبح الجميع اليوم ينادي بشعار (نريد راتب), وهذا الأمر كان مخططا له, وقد نجحت الارادات الخارجية إلى حدٍّ ما من تحقيق رؤيتها بإسقاط الحالة الوطنية من قلوب العراقيين, والوصول بهم إلى ترك الطموح والتهويل من أجل الحصول على المستحقات.

          أن المؤامرة الخارجية لن تنتهي إلى هذا الحدِّ, فالعراق بلد الخير والوفرة صار يستجدي مستحقات الرواتب, وهذا الأمر يدعو إلى مراجعة السياسة العامة في العراق سيما السياسة المالية المتعثرة, فالتهديدات قائمة وقد يعلن العراق افلاسه بعد شهور إذا استمرَّ الأمر على ما هو عليه, وينبغي على حكماء القوم تدارك السقوط في الهاوية, والبحث بجدية أكثر عن السبل التي يمكنها أن تعمل على انقاذ العراق, ولعل هذا الوضع يوجب على المعنيين مراجعة العقد مع الصين والابتعاد عن السياسة الامريكية التي قبعت على الواقع العراقي لأكثر من سبعة عشر عاماً وكرست الطائفية والمحاصصة بين العراقيين ليكونوا جميعا شركاء في الفشل والسقوط بعد أن كان الامل هو النجاح والوصول إلى برِّ الامان في ظل استعاد العراق عافيته وخلاصه من طاغوت العصر آنذاك.   

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حسن الخفاجي : الحفيد يقول للجد سر على درب الحسين عليه السلام ممهداً للظهور الشريف وانا سأكمل المسير على نفس ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
عادل العنبكي : رضوان الله تعالى على روح عزيز العراق سماحة حجة الإسلام والمسلمين العلامة المجاهد عبد العزيز الحكيم قدس ...
الموضوع :
بالصور ... احياء الذكرى الخامسة عشرة لرحيل عزيز العراق
يوسف عبدالله : احسنتم وبارك الله فيكم. السلام عليك يا موسى الكاظم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
زينب حميد : اللهم صل على محمد وآل محمد وبحق محمد وآل محمد وبحق باب الحوائج موسى بن جعفر وبحق ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
دلير محمد فتاح/ميرزا : التجات الى ايران بداية عام ۱۹۸۲ وتمت بعدها مصادرة داري في قضاء جمجمال وتم بيع الاثاث بالمزاد ...
الموضوع :
تعويض العراقيين المتضررين من حروب وجرائم النظام البائد
almajahi : نحن السجناء السياسين في العراق نحتاج الى تدخلكم لاعادة حقوقنا المنصوص عليها في الدستور العراقي..والذي تم التصويت ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
جبارعبدالزهرة العبودي : لقد قتل النواصب في هذه المنطقة الكثير من الشيعة حيث كانوا ينصبون كمائنا على الطريق العام وياخذون ...
الموضوع :
حركة السفياني من بلاد الروم إلى العراق
ابو كرار : السلام عليكم احسنتم التوضيح وبارك الله في جهودكم ياليت تعطي معنى لكلمة سكوبس هل يوجد لها معنى ...
الموضوع :
وضحكوا علينا وقالوا النشر لايكون الا في سكوبس Scopus
ابو حسنين : شيخنا العزيز الله يحفظك ويخليك بهذا زمنا الاغبر اكو خطيب مؤهل ان يحمل فكر اسلامي محمدي وحسيني ...
الموضوع :
الشيخ جلال الدين الصغير يتحدث عن المنبر الحسيني ومسؤولية التصدي للغزو الفكري والحرب الناعمة على هويتنا الإسلامية
حسين عبد الكريم جعفر المقهوي : عني وعن والدي ووالدتي وأولادها واختي وأخي ...
الموضوع :
رسالة الى سيدتي زينب الكبرى
فيسبوك