الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||
واحدة من أهم الزيارات المعتبرة التي نصَّت عليها الروايات والتي نقلت عن المعصوم عليه السلام هي زيارة الاربعين, وفيها تجديد الولاء, وتقديم الطاعة والعزاء, وبيان معاني الفداء؛ لذلك دأب المؤمنون في مختلف العصور على الالتزام بها والسعي إليها على الرغم من وجود المانع, طلباً للثواب وتأييداً لنصرة الحسين عليه السلام, وقد جاءت في الروايات أنها إحدى علامات المؤمن التي يمكن بها يتصف بها, وفي هذه الزيارة المباركة معاني وأسرار قد يجهلها من لم يتوفق إليها؛ وعلى هذا فإن الزائر يجدد العهد في كل سنة قدر التمكن من ذلك, ولا يمنعه الصعاب, ومن فاته فقد فاته الخير الكثير, ولا يمكن تعويضه إلا إذا توفق إليها في قابل.
ومنذ كانت زيارة الاربعين وإلى اليوم نجدها محفوفة بالمخاطر, متزينة بالصعاب, فقد بذل جابر الانصاري رحمه الله تعالى الكثير للوصول إلى الحسين, وحينما عرج موكب السبايا إلى كربلاء تجدد العهد بالبكاء والنحيب واستذكار ساعات الفراق ووداع سيد الشهداء, وبعد أن حطت الحوراء مركبها بصحبة العليل زين العابدين عليه السلام أصبحت كربلاء منارة العاشقين وسبيل المؤمنين يجددون عهدهم مع المولى أبي عبدالله عليه السلام في زيارات مختلفة ومتواصلة وخاصة في الأربعين من كل عام؛ لذلك سارع شياطين الانس إلى منع الزيارة بعد توافد القوافل والكثير من أحباب الحسين عليه السلام لتكون كربلاء محطة للاستزادة وشمعة للثوار وقبلة للأحرار .
وتباين صور التحديات في زيارة الحسين عليه السلام , فقد عمد القوم إلى هدم قبره الشريف ليضيع قبره على زوارة, ومن ثم حاولوا المنع بشكل رسمي وعمدوا إلى قطع طريق الزوار, وبعد ذلك فرضت غرامات على زوار الحسين عليه السلام في زمن المتوكل العباسي, ثم شدَّ عليهم الأمر بقطع أكف الزوار لمنعهم؛ ولكن تفاجؤوا بازدياد عدد الزوار, ثم توالت الايام لتستقرَّ في زمن المقبور الهدام الذي عمد بمختلف الوسائل لمنع وتحجيم زيارة الاربعين على وجه الخصوص فلم يستطع؛ بل منَّ الله على المؤمنين بالفرج فتوسعت دائرة العشاق, وبذل أحباب الحسين صور الايثار والكرم حتى انبهر بهم كل قاصد وزائر.
واليوم لا تزال مسيرة التحديات قائمة في هذه الزيارة وترهب الاعداء فيحاولون بمختلف الوسائل اثارة الفتن وتشويه الصورة المثالية التي عليها, وهم لا يملون ولا يكلون, ويعمدون إلى الاعتماد على اناس قد لا يفرقون بين الناقة والجمل ليبثوا بين الزوار الهلع ويحاولوا خلق المزيد من المشاكل في هذه التظاهرة التي ينعدم مثيلها في كل أنحاء العالم, وعلى هذا فان المسؤولية كبيرة على المؤمنين لحماية الزيارة والزوار وتشخيص المسيئين وعرضهم على المحاكم الرئيسية ليدفعوا ثمن الحماقة التي هم عليها بعد أن اختلط عليهم الامر وأصبحوا أدوات الفتنة بيد الشيطان الأكبر فأخذ يسوقهم إلى المهالك, ويُسيِّرهم لهدم الوطن وقتل الوطنية والعقيدة في قلوبهم؛ وهذا يستلزم العمل بالحق كي لا يتوهم أهل الباطل بأنهم على الحق.
https://telegram.me/buratha