سرى العبيدي||
في الغرب يتم إسقاط الحكومات وتغييرها من داخل البرلمان في فترات متقاربة، ومع ذلك فإن الأمور تسير ببأنسيابية حتى لو تأخر تشكيل الحكومة الجديدة عدة أشهر، لأن الدولة هناك قائمة على مؤسسات مرتكزات قوية..وفى أمريكا فإن مدة دورة الرئيس هي أربعة أعوام، والحد الأقصى لأي رئيس هو دورتان فقط لا غير، وبعضهم قضى دورة رئاسية واحدة مثل كارتر الذي فشل بالفوز بدورة ثانية.. وهناك عندما يرحل الرئيس يرحل معه طاقمه الذي عينه إبان فترة رئاسته(بلا تقاعد مقداره 80% من الراتب وبلا إبقاء عناصر الحماية وبلا بيت المنطقة الخضراء!)، وحتى المفاجآت يمكن تجاوزها بسرعة كما حدث عند مقتل الرئيس كنيدي، فقد هز هذا الحدث العالم، لكن بعد ساعات من مقتله أدى نائبه جونسون القسم الرئاسي دون أن يحدث فراغ بالسلطة..
هنا فقد تعودنا أن تتماهى الفواصل بين الدولة والحكومة بل والقضاء ايضا!، وتصبح كلها كتلة واحدة.. وإذا سقطت حكومة تترنح الدولة التي سيست أجهزتها وخدمتها المدنية ومرتكزاتها الرئيسية..
إن نظاما للحكم تقوم فلسفتة بناء مؤسساته على قيام طبقة الحاكم بالسيطرة التامة وبسط الهيمنة الكاملة، مع إيلاء أهمية قصوى لوسائل السيطرة المتمثلة في المال والإعلام والتنظيم والأمن، مع ترك هامش للآخرين ليشاركوا مشاركة ديكورية صورية..لهو نظام يشيع جنازته بنفسه ولو بعد حين، وإنه لنظام يستمد قوته من ضعفها، وأشد حالات الضعف هي أن يعتقد أهل النظام بأنهم باقين إلى الأبد، كما كان يعتقد القذافي وقبله صدام..
وفي حالتنا العراقية ـ ودوما ـ فإن أي تغيير يحدث ويحل نظام حاكم آخر محل النظام القائم، ستنجم عنه عقبات ومعضلات يشيب لها رأس الوليد، إذ إن جسم الدولة هو جسم النظام السابق، وستكون الدولة في واد والحكومة في وادٍ آخر.
أن النظام القائم الآن يجمع بين مستويين من التفكير في بناء الدولة، الأول هو مستوى أهل الحل والربط الذين بيدهم كل الخيوط، والمستوى الثاني هو مستوى المؤلفة قلوبهم " حديدة عن الطنطل"..
أي يوجد فيه " MADE IN JAPAN" و"MADE IN TAIMAN"!، وبدون خوض في التفاصيل فإن دولة الباطن هي الأكثر نفوذاً أو تأثيرًا من دولة المواطن. وإننا نستمع لكلام لكثير من المسؤولين من كلا المستويين "بدون قبض"، وبعضهم عندما يتحدث يعدنا بصورة وردية لبناء الدولة، كأن العراق أصبح جنة في الأرض، وهي صورة تختلف تماماً عن واقعنا الماثل.. لأن الدولة ليست دولة مؤسسات، بل هي دولة أيام تشطب عندما تمضي..
وردة واحدة لإنسان على قيد الحياة أفضل من باقة كاملة على قبره..!
https://telegram.me/buratha