منهل عبد الأمير المرشدي||
ثمة حكاية هي بمثابة قصة حقيقية دارت في اسكوتلاندا حين قرأتها ترائى لي بين حروفها وضعنا في العراق ووضع (قياداتنا ) العروبية والكوردية و (زعمائنا) الإسلاموية والقومية و(رؤساء كتلنا) الثورية والعلمانية وبعض شرائح مجتمعنا (الشروكية والغربية).
تقول القصة ان فلاح فقير يدعى فليمنج كان يعيش في اسكوتلاندا ويعاني من شدة الفقر المدقع والعوز لكنه لم يكن يشكو أو يتذمر بل كان متفائلا مبتسما رغم كل ما يعانيه .
بينما كان فلمنج يتجول ذات يوم في أحد المراعي سمع صوت كلب ينبح نباحًا مستمرً فذهب بسرعة ليجد طفلاً يغوص في بركة من الوحل يصرخ بصوت غير مسموع من هول الرعب .
قفز الفلاح فلمنج الى البركة دون أن يفكر وأمسك بالصبي وأخرجه وأنقذ حياته .
في اليوم التالي جاء رجل تبدو عليه علامات الثراء في عربة مزركشة تجرها خيول ويمشي حوله حراسه .
اندهش فلمنج من زيارة هذا اللورد إلا انه أدرك إن اللورد هو والد الصبي الذي أنقذه بالأمس .
قال اللورد (لو ظللت أشكرك طوال حياتي فلن أوفي لك حقك فأنا مدين لك بحياة ابني ، اطلب ما شئت من أموال أو ما يقر عينك . أجاب فلمنج : سيدي ، أنا لم أفعل سوى ما يمليه عليّ ضميري و أي رجل مثلي كان سيفعل مثلما فعلت فابنك هذا طفل بريء وهو مثل ابني والموقف الذي تعرض له كان من الممكن أن يتعرض له ابني .
أجاب اللورد (حسنـًا ، طالما تعتبر ابني مثل ابنك فأنا سأخذ ابنك وأتولى مصاريف تعليمه حتي يصير رجلاً متعلمًا نافعًا لبلاده لم يصدق فلمنج ما سمع وأمتلأ قلبه بالفرح والسعادة . بالفعل بقي الولد برعاية اللورد حتى تخرج (فلمنج الصغير) من مدرسة سانت ماري للعلوم الطبية .
نعم لقد أصبح الصبي الصغير رجلاً متعلمًا بل عالمًا كبيرًا فهذا الصبي هو نفسه سير ألكسندر فلمنج (1881 ــ 1955) مكتشف البنسلين penicillin في عام 1929 أول مضاد حيوي عرفته البشرية على الإطلاق ويعود له الفضل في القضاء على معظم الأمراض الميكروبية كما حصل ألكسندر فلمنج على جائزة نوبل في عام 1945. لم تنته تلك القصة الجميلة هكذا بل حينما مرض ابن اللورد الثري بالتهاب رئوي كان البنسلين هو الذي أنقذ حياته .
نعم مجموعة من المصادفات الغريبة لكن المفاجأة الأكبر هي إن ذاك الصبي ابن اللورد الذي أنقذ فلمنج الأب حياته مرة وأنقذ ألكسندر فلمنج الابن حياته مرة ثانية بفضل البنسلين صار رجل شهير للغاية فالثري يدعى اللورد راندولف تشرشل وابنه يدعى ونستون تشرشل أعظم رئيس وزراء بريطاني على مر العصور الرجل العظيم الذي قاد الحرب ضد هتلر النازي أيام الحرب العالمية الثانية .
نعود لعراقنا الحبيب والغريب والسليب والكئيب فلا المعروف يؤثر في البعض الكتلويين والقومجيين والمتأسلمين والمتعلمنين او من ( الشروكية والغربية) ولو بعد حين ولا ينتج في أغلب من فعلت لهم معروفا ولو بالدماء والأرواح شيئا من الخير او الطيبة او ؤرد الجميل ولو بالشكر وان لم يكن الشكر ممكنا فعلى أقل تقدير , الصمت بلا ذمّ ولا خيانة ولا غدر ولا لؤم ولا حقد ولا إنقلاب ..
https://telegram.me/buratha