تمثل الكتابة حالة من حالات الرقي الثقافي والمعرفي, فالكاتب سيطرح للمتلقي خلاصة تجربته واراءه في قضية معينة, مستندا في ذلك الى كم كبير من المعرفة والتحليل والمتابعة, فالكاتب لا يكتب دون قاعدة معرفية وادوات لغوية واملائية وكتابية. إن الكاتب ومهما كان الباب الذي يكتب فيه سواء اكان قصة, ام رواية, ام مقال فهو سيذهب بالقراء الى حيث يريدون من معرفة واطلاع على قيمة معينة او رأي في مسالة ما. يحتل كُتّاب الرأي المقدمة في الخطاب الموجه للجمهور, فمثلا القصة والرواية قد تكون زاوية قُرّائها محصورة في النخب الثقافية والادبية والاكاديمية, بينما كتاب الرأي تكون آراءهم متاحة لجميع طبقات المجتمع, من خلال نشرها في الفضائيات أو الصحف أو المجلات الدورية أو مواقع التواصل الاجتماعي لذا فهي من اليسر للاطلاع عليها. الكاتب العصامي يجب ان يكون متجردا من الميول والاتجاهات –وإن كان نادرا- وأن يكتب ليس بأجندات منحرفة لتضليل الناس وتغيير آراءهم باتجاه الاجندة الخاصة. المشكلة الكبرى حينما يعلم الكاتب أن ما يكتبه خطأ او مغاير للواقع إلا أنه يمارس هذا الغش الثقافي مقابل أجر معين, ويقوم بتغيير بوصلة قلمة مع من يدفع أكثر لأجل تضليل الناس وتنفيذ مخططات من يدفعون. هذا الكاتب الذي يكتب بأجر هو كاتب خطر, فهو يُظْهِر في العلن حرصه على المجتمع بينما يدس في كتاباته التضليل والتدليس, وبعمله هذا فهو يقوم بقتل المجتمع وتمييع ثقافته وتحريف افكاره, وهو أخطر من القاتل المادي الذي يقتل بأجر أيضا فالقاتل المادي إنما يقتل فردا واحدا من المجتمع, بينما القاتل –الكاتب- الفكري يقتل المجتمع بأكمله.
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha