عبدالزهرة محمد الهنداوي ||
سألني صاحب الأسواق، الذي اتبضع منه مستلزمات البيت، متى يوزعون الراتب؟!!، قلت له هل أنت موظف؟!!، قال لا، هل أنت متقاعد؟! أيضا لا، إذن أنت مشمول بالحماية الاجتماعية؟، أقسم بأغلظ الإيمان، انه لايتقاضى اي راتب من الدولة! طيب، لماذا تسأل عن الرواتب؟!!
سرح بنظره على رفوف البضاعة المكدسة، وواصل الحديث بألم، تاخير صرف الرواتب، يعني ان بضاعتنا ستكسد، وبالتالي ستفسد، وتكون خسارتنا كبيرة...
كلام الرجل، تداخل مع الصخب الدائر في الارجاء ، بشأن ملف الرواتب، الذي يمر في حالة ضيق تتفس شديدة، نتيجة انخفاض نسبة الإيرادات النفطية، وغياب الايرادات ا غير النفطية، وبات الحوار بين الحكومة والبرلمان طويلا وعريضا، فالحكومة رهنت توزيع الرواتب بموافقة مجلس النواب على قانون تمويل العجز، ليمنحها ذلك غطاء قانونيا يمكنها من الاستمرار في الاقتراض لتمويل النفقات التشغيلية.
وفي المقابل، يتحدث نواب، عن رفضهم لمبدأ الاقتراض التشغيلي، لانه يعني قضم الاحتياطي النقدي، الذي قد يؤدي إلى حالة انهيار اقتصادي.. وفي ظل هذا الحوار، تشهد الأسواق، ركودا، بات مثيرا لقلق اصحاب المصالح، فالحركة التسويقية التجارية، تعتمد، في مساحة واسعة من فعاليتها، على رواتب موظفي الدولة، التي تشكل كتلة نقدية ضخمة.
ووسط هذه الأجواء الملبدة بغيوم القلق، والترقب، يقفز إلى "فاترينة" الرواتب، المتأخرة، موقفان، الأول، يدعو إلى تخفيض الرواتب، بنسبة قد تصل إلى ٣٠٪, من اجل الاستفادة من نسبة التخفيض هذه في سد العجز الكبير، وتمويل أبواب انفاق أخرى، او على الأقل ضمان انسيابية توزيع الراتب، ولكن هذا الرأي او المقترح، يواجه رفضا من بعض النواب والكتل السياسية.
أما الموقف الاخر، فيدعو إلى توحيد رواتب موظفي الحكومة، الذي يشهد تباينا حادا بين وزارة وأخرى، ماادى إلى ان تنقسم الوزارات والمؤسسات إلى فئتين، واحدة طاردة للموظفين، والأخرى جاذبة، وهذا احدث خللا كبيرا في مستوى الاداء الوظيفي، وبالتالي فان فكرة التوحيد، لاسيما مع وجود مجلس الخدمة الاتحادي، قد تسهم في ردم هذه الهوة الوظيفية، على ان يأخذ المشرّع بنظر الاعتبار، الواقع المعيشي وغلاء الأسعار، وعلاقة ذلك كله بمستويات التضخم الاقتصادي.
وهذا الكلام يعيدنا إلى الموقف الأول، الداعي إلى التخفيض، وهنا تجدر الإشارة، إلى ان مشكلة الرواتب لاتكمن في ارتفاع معدلاتها على مستوى الموظف الواحد، إذا ما علمنا ان متوسط ما يتقاضاه الموظف، هو ٥٠٠ الف دينار، مايعادل ٤٠٠ دولار.
ولاشك، ان مبلغا مثل هذا يبدو متواضعا بالمقارنة مع معدلات رواتب موظفي البلدان ذات الطبيعة الاقتصادية المشابهة للعراق، فضلا عن ضآلته، ازاء غلاء الحياة عندنا، إنما تكمن المشكلة، في ضخامة أعداد الموظفين، ولذلك، فان عملية توحيد الرواتب تبدو هي الأكثر منطقية، من الذهاب إلى تخفيضها، لان التخفيض سيتسبب في ضرر كبير لجميع الموظفين وخصوصا ذوي الدرجات الدنيا.
ـــــــ
https://telegram.me/buratha