سرى العبيدي||
قبل أيام مازحتني صديقة أجنبية عزيزة مزاحا مبهجا لكنها أنتبهت الى أني لم أضحك لمزاحها إلا قليلا..
عندها قال لي لمَ أنتِ هكذا؟ لمَ أنتِ قليلة الفرح كثير الحزن؟..
قلت لها وأنا أحاول أن أرسم بسمة بمط شفتي لكني لم أفلح كما في كل مرة: في ملحمة النزاع الأبدي بين الفرح والحزن، ليس هناك إلا نتيجة واحدة هي غلبة الحزن على الفرح، ألى حد يقترب من إمحاء الفرح من قيد الوجود...
لأي شيء نفرح با صديقتي؟ وحزننا سرمدي بوجودنا الفاني الزائل، وبجسدنا الذي تنهشهه الهموم يوما بعد يوم، أم نفرح بالعمى الذي نحن في فيه عن غينا الذي فيه نحن سادرون..؟
أنفرح وقد فقدنا الأحبة واحدا بعد واحد، إلى أن تزاحمت علينا الأعداد وصادمت الأرقام بعضها ببعض، حتى حفضنا الآية الكريمة من سورة الرحمن" كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فانٍ . وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ" دون سواها... أو " أنتم السابقون ونحن اللاحقون" التي نواسي بها أنفسنا مبررين فيها عجزنا الأزلي عن القدرة على البقاء أحياء في هذه الدنيا على الرغم من دابنا على توفير اسباب الراحة والصحة لنا ولأحبتنا الذين سبقونا..
مرة أخرى لأي شيء نفرح ونحن ننتمي الى أمة هي الوحيدة بين أمم الأرض التي قتلت أبن بنت نبيها بدم بارد مع سبق الأصرار والتصميم..ألا يؤرقني هكذا أنتماء..ألا يسلب مني طمأنينتي، والقتيل يقتل كل يوم ألف مرة ويعاد علينا مشهد كربلاء كل حين مع أختلاف بسيط بالتفاصيل والأدوات؟..
الحسين عليه السلام كان قد تناوشته السيوف والرماح والنبال ثم داسته سنابك الخيل..واليوم من يحب الحسين يقتل بطريقة أبرد دما من تلك التي قتل بها المحبوب..
أتريديني أن أفرح وشمر مازال حيا يمارس هواية القتل الممنهج؟ ..
أوَ تريدني أفرح وفي المقدادية يذبح بدم بارد رجال ثمانية من أسرة واحدة من قبيلة كعب العربية الأصيلة، لا لشيء إلا لأتهم ينتمون الى الحسين عليه السلام..؟!
أتريديني أن أفرح وفي ذاكرتي قوائم لا تنتهي من الشهداء أنتمي لهم وأنتمينا جميعا الى طريق الحسين، لكنهم جميعا قتلهم شمر أو أشمار هذا العصر كما قتل قبلهم كل من أحب حسينا؟...
ـــــ
https://telegram.me/buratha