حسين فرحان||
اَلسَّلامُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ، أَمِينِ اللَّهِ عَلَى وَحْيِهِ، وَعَزَائِمِ أَمْرِهِ، اَلْخَاتِمِ لِمَا سَبَقَ، وَالْفَاتِحِ لِمَا اسْتُقْبِلَ، وَالْمُهَيْمِنِ عَلَى ذلِكَ كُلِّهِ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ..".
نسي سُراق آثار الحضارات وقتلة الشعوب حكاية أهل نجران ووقفتهم العاجزة أمام المصطفى وأنوار أحدقت به يهم بالابتهال ليجعل لعنة الله على الكاذبين، فهوت الصلبان والصولجانات وانهزم الجمع وهو يردد: أن الجبال لن تصمد إن ابتهل هؤلاء.
وحقيقة أن محمدا صلى الله عليه وآله هو دعوة إبراهيم ونبوءة عيسى ليست مما يُعتنى به كثيرا عند ( ماكرون) المثقف جدا والحضاري جدا وهو ربيب الأتكيت الفرنسي والمدافع عن نبل أرستقراطية العصور المظلمة وذاكرة القارة العجوز المليئة بتفاصيل حكايات أزقتها الرطبة وهي تحتضن الجرذان والطاعون والكوليرا مع أصوات أجراس معتقد هش تطرق أسماع الجياع بأن الثالوث يدعوكم لإدامة الرهبنة وتعزيز وجودها المقدس تحت ظل حمايات قيصرية وامبراطوريات يحكمها لويس الأول والثاني والثالث ومرورا بروبرت الاول و من ثم لويس الرابع والخامس حتى الثامن عشر ونابليون الأول والثاني والثالث وغيرهم ضمن أسر حاكمة لم يكن لها هم سوى جباية الذهب من شعوبها المنهكة وزجها في حروب ونزاعات لا تنقضي إلا بعد عقود طويلة من الزمن. فهي إمبراطوريات يمنحك تاريخها فرصة مناسبة لتقييم ديمقراطية الغرب الناشئة التي أحدثتها ثورة الصناعة فمنحت ( ماكرون) حق الدفاع عن حرية التعبير والرأي والاستماتة في محاولات حفظ الثقافة (الكاريكاتورية) وإن استهدفت مقدسات وقيم وثوابت شعوب أخرى، وتصدير ما يمكن تصديره من انحلال حل مكان الالتزام الديني الشكلي الذي كانت تدير شؤونه الكنيسة برعاية الأباطرة والقياصرة، لكن هذا الانحلال يأبى أن يبقى أسير تلك البقاع المثلجة فلا بد من تصديره كغزو ثقافي جديد يرسم حدود المعتقدات كما رسم سايكس وبيكو حدود المستعمرات، ولكن بطريقة جديدة تفوح منها رائحة العطر الفرنسي و تتصدر مشاهدها دعايات الموضة و ممارسة الشذوذ والترويج للحرية بشكل تأنف منه حتى الكلاب والضواري.
(ماكرون) حلقة من حلقات سلسلة حاكمة طويلة توارثت فكرة الاستهزاء بالشعوب وما تزال تمني نفسها بركوب موجة التسلط والسعي لإثبات وجودها كرقم صعب يحتل مراكز متقدمة ليكون قطبا من الأقطاب المؤثرة ولو بتصدير الإنحلال وهدم ثقافات الشعوب الأخرى فضلا عن مقدراتها،
دون أن يراعي في ذلك أن يفقد الشيء الكثير من تاريخ دولته في نشر ثقافة التحضر المصطنع، وعلى ما يبدو فأنه استغل ما أنتجته يد الغرب عموما من حركات متطرفة عميلة روجت الأسلام بصفة الإرهاب واستغل ذوبان بعض المجتمعات الإسلامية بالثقافة الغربية حتى أصبح الاسلام فيها شكل بلا مضمون، كما استغل ارتباط مقدرات هذه المجتمعات وحكوماتها بالاقتصاد الغربي ومنتجاته وقروضه ليتحدث كيفما شاء، وعموما فهناك عوامل أخرى دعت (ماكرون) وستدعو غيره للتطاول دون رادع فلربما هو يعتقد أن هذه المجتمعات قد وصلت إلى حد من الانصهار في العولمة يحول بينها وبين أن تمتلك ردود فعل تناسب هذه الإساءات، وخلاصة القول أن الرجل قد أمٍن العقاب فأساء الأدب، وهو يعلم جيدا أنه سيواجه بهجمة إعلامية لن تضره شيئا وقد اعتاد هو وأمثاله على الإهانات ورشق البيض وسماع الكلام البذيء في حملاته الانتخابية أو في معرض انتقادات شعبه له، وربما لن يكترث بالمشاعر الغاضبة للشعوب الإسلامية، لكنه -وبعد أن فتح الباب للتطاول على مقام النبي الأكرم صلى الله عليه وآله- ما عليه إلا أن يراجع السنن التاريخية، وما آلت إليه أوضاع الجبابرة والفراعنة حين انتهكوا حرمة الأنبياء وحاربوا رسالات السماء.
فرسول الله:
"دعوة إبراهيم.. ونبوءة موسى
ترنيمةُ داود.. وبٍشارة عيسى"
........
https://telegram.me/buratha