محمد هاشم الحجامي ||
في الخمسينات من القرن العشرين سيطرت الشيوعية على الشارع السياسي العراقي حتى كادت تطبق عليه مستفيدة من عوامل خارجية وداخلية ففي الخارج حققت تقدما هائلا عبر إسقاط الأنظمة المناهضة لها ،
فكان ذلك عامل دفع لاتباعها في العراق وقوة معنوية هائلة .
اما داخليا فقد كان المجتمع العراق يأن تحت وطأة الإقطاع وتسلط الشيوخ على رقاب الفلاحين ومن العوامل المهمة في الدفع بالشيوعية إلى الواجهة هي حركة التعليم في العراق والتي وصلت إلى مناطق نائية في البلد ، هذه العوامل وغيرها حاول الشيوعيون استثمارها لتحقيق أهدافهم المشبوهة التي عنوانها البراق العدالة والقضاء على الظلم مع حملة لمسخ الأمة عن هويتها الدينية المحافظة .
في هذه الفورة وفي ضل استسلام الأمة نخبا وجماهيرا للمد الشيوعي برز الشهيد الصدر ليؤسس لمرحلة جديدة إحدى أهدافها ايقاف هذا الانسلاخ العقائدي والفكري عند نخب الشعب وجماهيره ، فقام بثلاث مشاريع مهمة هي تأليف كتاب فلسفتنا ليرد به على الفلسفة الشيوعية مفندا ومبينا مواطن الخلل والثاني جماعة العلماء في العراق لتكون اتحادا علمائيا يتحرك بشكل منظم وبأهداف واضحة والثالث حزب الدعوة الإسلامية ليكون بوتقة تجمع شباب الشيعة المتخرجين حديثا من الجامعات والذين عجزت الطريقة التقليدية من احتوائهم وكانوا في الغالب من الطبقة المسحوقة ولديهم تساؤلات حول الدين والتراث والحكم ... فكانت الشيوعية تقدم لهم وعودا ورؤى حول كثير من تساؤلاتهم ؛ فأراد الشهيد الصدر إبقاء هؤلاء في جسد الأمة بما تعلموه في الجامعات مع تدين سليم وطرح جديد يجيب عن اشكالاتهم .
فحاول أن يشذب كثير من الممارسات الدينية الخاطئة وتصفية الاسلام من رواسب الجهل وتخليصه من مخالب التخلف ، وإن كان على استحياء وأقل ما يقال فيه ليس بمستوى المشاريع التأسيسة .
هذه الأعمال الجبارة للشهيد الصدر أضعفت الشيوعي العراقي بل أنهت وجوده واقعا وإن بقي له اتباع هنا وهناك .
فبدأ شباب الشيعة ينجذب نحو حزب الدعوة بصفته الحالة المعبرة عن وجدان الأمة ومنبثق من رحم عقيدتها وتاريخها ومتبنياتها .
هذا العمل الجبار ما نسيه الشيوعيون وعدوا الصدر الشهيد سببا في زوال قوتهم وتشتت اتباعهم ، فحفظوها له ولهذا نسمع أصواتا هنا وهناك في الفترة الأخيرة من ناشطين سياسيين يخفون انتمائهم الشيوعي ، يتهجمون على الشهيد الصدر ، لأنهم يعتقدون قتل الصدر معنويا بعدما قتله صدام جسديا سيعيد لحزبهم القوة من جديد ويُعبد الطريقَ أمامهم بيسر ؛ لكنه وهم والف وهم ، فالسجين كسر القيود والوعي دبَّ في جسد الأمة رغم كثرة الجهلة والمخدوعين .
https://telegram.me/buratha