نتيجة للظروف الاقتصادية والداخلية التي تمر بها الولايات المتحدة راحت تخطط للانسحاب من الشرق الاوسط وكما عبر عن ذلك ترامب لمرات "لم يعد الشرق الاوسط من اولوياتنا" وبذا لابد من ترتيب الاوراق قبل الانسحاب والتوجه نحو المحيط الهادي حيث الخطر "الصيني"، ووفق المعادلة الاتية : انسحاب عسكري امريكي تعقبه حكومات امريكية!! هذه المعادلة تقضي بان تمول الدول نفسها بنفسها، باعتماد المال الخليجي والقوة العسكرية المتمثلة بالجيش المصري والسوداني والمغربي وان تكون اسرائيل ممثلة لامريكا في المنطقة لرعاية مصالحها. بما يخص العراق(من هذه المعادلة) عملت امريكا على صناعة جمهور لها من الشباب عبر استقدامهم في دورات لمنظمات المجتمع المدني وعبر وسائل اعلام داعمة لمشروعها، وقد ظهر ذلك جليا في التظاهرات (التشرينية) وما رافقها من اعمال عنف وقتل وحرق وغيرها والتي انتجت ايضاً حكومة الكاظمي الواضحة التوجه مع المشروع الامريكي. في البعد الجغرافي تخطط الولايات المتحدة للتخلص من الشعب الفلسطيني المتواجد في غزة والضفة الغربية وذلك باسكانهم في أراضٍ يتم قطعها من الاردن ومصر والعراق، واذا كانت البلدان مصر والاردن متماهية مع هذا المشروع، فان الحكومة العراقية "الحالية" يبدو منسجمة ايضاً والدليل القمم المتواصلة واللقاءات بين العراق والاردن ومصر. لاشك ان المساحة المفترضة لاقتطاعها من العراق واسكان الفلسطينيين هي جزء من الصحراء الغربية المحاذية لمسافة "600" كم مع الحدود السعودية والممتدة من الانبار الى البصرة ،وحتى لايثير موضوع الاقتطاع الريبة وردود الفعل تم الاعلان على ان السعودية ترغب باستثمار البادية زراعياً، وهذا الامر مقبول باعتبار ان الصين سبق وان قدمت شركاتها مخططات متكاملة وصور عبر الاقمار الصناعية ومصادر المياه للاستثمار الزراعي لكن ظروف الحرب بين العراق وايران عطلت ذلك. بتاريخ 22 تشرين الاول 2017 تم اطلاق المجلس التنسيقي من قبل الملك سلمان ملك السعودية مع العراق ايام الدكتور حيدر العبادي والغريب بالامر ان الاجتماع الذي ضم الملك مع العبادي كان بحضور ورعاية امريكية حيث حظر رئيس الدبلوماسية الامريكية " ريكس تيلرسون" وهذا المجلس التنسيقي حسب المسؤولين السعوديين يؤسس لمرحلة متطورة من العمل التجاري والاقتصادي والاستثماري غير المحدود!!. ان اكثر ما يقلق العراقيين ان قمة عمان الثلاثية التي حضرها الكاظمي كانت "غامضة" وقد كشفت عنها اللقاءات الاخيرة من الاعلان عن رغبة مصر المشاركة باعمار العراق "الاعمار مقابل النفط" وبرغبة السعودية باستثمار البادية الغربية زراعياً. خلال الفترة التي امتدت من عام 2017 وحتى الان تكون المخططات قد اكتملت والدليل ان وزير الزراعة الحالي قد اعلن عن المشروع السعودي دون اي تردد وباركه مجلس الوزراء. رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي طمأنه الامريكان خلال زياراته المتكررة لهم بانه اصبح "أمير الصحراء الغربية"ارضاً وشعباً وثروات واقنعوه ان المساحة المقتطعة من الانبار لا تساوي شيئاً مقابل ما سوف تحصلون عليه من امتيازات والتي استلم جزء منها في اكمال المشاريع المتلكئة في الانبار واقنعوه ايضاً بان لاحاجة لارتباطه باهل الجنوب والوسط لانه سيبقى هو وابناء الانبار "مهمشين" ! هذا المخطط مؤيد من قبل رئيس الجمهورية برهم صالح الذي زار الانبار لهذا الامر ومن قبل الكاظمي بعد وعود بتشكيل ثلاثي في الانتخابات المقبلة. المخطط محصور في حدود الانبار دون المناطق الغربية الاخرى التي لكل منها برنامجه الخاص وقد لاحت بوادره في تحميل محافظ صلاح الدين الحشد الشعبي مسؤولية حادثة "الفرحاتية". مشروع الصحراء الغربية عبر عنه رئيس الوزراء الكاظمي بالقول "السعودية شريك حقيقي للعراق" اما الاعلام السعودي فقد اكد "يسعى العراق للعودة الى محيطه العربي والتخلص من الهيمنة الايرانية" . ويقضي المعلن من "المشروع "بان الشركات السعودية تسعى لاستثمار مليون هكتار من الاراضي الزراعية في المنطقة الغربية من العراق على غرار تجربة "شركة المراعي السعودية" وقد بارك وزير التخطيط السابق سلمان الجميلي المبادرة السعودية يومها. المفاجئة التي ربما لم يتوقعها الكثير من العراقيين مثلما تفاجأنا ان السفارة الامريكية ومعها اصدقاءها من دول الخليج قد اشتروا ذمم الشباب من ابناء الوسط والجنوب جاء الدور لشراء ذمم شيوخ ووجهاء القبائل المحاذية للصحراء خاصة وان مناطق مثل محافظة السماوة في حال مأساوي واهمال على كافة الاصعدة وبذا سيرضخ الكثير منهم لقبول المشروع السعودي..هذا المشروع في شكله العام "مزرعة" ستتحول الى حزام يخنق محافظات الوسط والجنوب فيما سيحضى برعاية امريكية كبيرة خاصة وان مزارعيه من فقراء مصر ومن رضي من العراقيين ان يكون جزء من المكان ومستقبله. لاشك ان ردود فعل كثيرة ضد المشروع قد ظهرت بالكشف عن المخاطر الاقتصادية والمائية لكن خطره السياسي هو الاكبر ونسأل: لماذا الشركات السعودية؟..هل ان السعودية بلد زراعي مثلاً؟ انها ارض "يباب" تستورد "البصل" الاخضر من اندونيسيا بالطائرات ونسأل: ماذا لو عملت الشركات الايرانية على استثمار الصحراء ذاتها خاصة وان ايران بلد زراعي معروف قديماً وحديثاً ويستخدم اخر التقنيات الحديثة وهي بلد جار ومسلم وتربطه مع سكان المدن المجاورة للمنطقة علاقات طيبة حتماً ستقف امريكا والسعودية والقادة "السنة" بكل ما اتوا من قوة ورباط الخيل منع ذلك حتى لو اقتضى الامر بتفخيخ ابنائهم وقتل العاملين!!. لسنا بحاجة الى "الاستثمار السياسي " بل الى الاستثمار الاقتصادي الذي نضمن فيه نجاح المشروع الذي نخطط له ! ان مجرد الاعلان عن استثمار السعودية الذي شاء الله ان يعيش شعبها ب(واد غير ذي زرع) تصاعدت الاحتجاجات والتي تنذر بعدم نجاح المشروع جملة وتفصيلا !اذن لماذا هذا الضياع للوقت ايتها الحكومة البلهاء ؟ نعم نحتاج ان نحول الصحراء الى قطعة خضراء وبأيد واستثمارات عراقية ولدينا من هم مؤهلون لذلك .
اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
https://telegram.me/buratha