منهل عبد الأمير المرشدي||
كان شارع المتنبي ولزمن قريب مصداق للحالة العراقية الأبرز والأرقى على المستوى الثقافي بما يمثله من إرث معرفي في الذاكرة البغدادية وما كان عليه ولم يزل واحة عراقية متميزة تجمع أعلام الحرف ورواد اكلمة من الأدباء والشعراء والكتاب والمثقفين فضلا عن كونه سوق مفتوحة للزاد المعرفي للكتاب الذي لم يفارقه حتى في زمن البعث الهدام حيث يجد الباحث والقاريء ما يريد ملقيا على الرصيف او مخفيا بين رفوف المكتبات عند بعض الثقاة .
مقهى الشاهبندر والمنتدى الثقافي البغدادي والمطابع والمكتبات والقاعات المفتوحة للجميع وفضاء الحرية الذي يخيم على الجميع وسوق السراي وكبة ابو علي ومفردات تستوطن الذاكرة في كل زاوية منه ؛ لم تعد كما كانت ولم يعد شارع المتنبي كما كان بعد إن امتدت اليه زواحف المأزومين والشواذ وأوساخ السياسة وفساد الفاسدين وأشباه المثقفين .
شارع المتنبي الذي كان يمثل الملتقى الدائم لكبار الأدباء والكتاب والمثقفين والشخصيات الوطنية صار اليوم مرتعا للكثير من الهمج الرعاع التي لا تتوانى عن التجاوز على من شائت وكيفما شائت , كاتبا كان او أديبا أو شخصية وطنية حيث لا رادع لهم ولا رقيب .
لم تعد الحرية التي كنّا نتمتع بها في هذا الشارع كما كانت للتعبير وابداء الرأي وقول الكلمة الهادفة بمنتهى الرقي والتحضر . نعم الحرية اليوم في شارع المتنبي يمارسها البعض من ذوي الوجوه الكالحة بأفواه نابحة بين نعيق ونهيق في وسط الشارع وفي المقهى حيث الألفاظ الهابطة ركن من اركان حريتهم والتطاول على المثقف والوطني حق من حقوقهم .
صار شارع الثقافة اليوم مكان لا يصلح للمثقفين فعلى المثقف أن يتوقع انه سيتعرض للإهانة من أنصار الجريذي واصدقاء الجرو . صار شارع الأدب يشكل خطرا على الأدباء جراء التجاوز عليهم من قطعان غير المؤدبين . نعم لقد صار شارع الكلمة والمعرفة غير مؤهل لإحتواء أصحاب الكلمة الحرة والموقف النبيل بعد أن تفشى وباء الجهل فوق ارصفته وفي قاعاته ومقاهيه .
صار من البديهي أن يزدحم الشارع بجماعات من الذين لا يقرأون ولا يكتبون أو هناك من يدخل له من سوق السراي ليأكل (كبايّة) من مطعم ابوعلي ويخرج من الجهة الأخرى ليعلن انه صار ملحدا !!! .
في مقالي هذا لا اقصد حصرا وما تالمت له بما حصل الى اللواء عبد الكريم خلف الذي عرفناه شخصية وطنية وانسان مهني ملتزم وخلوق حيث تطاول عليه نفر تعبان من نفايات الزمن الأغبر لكنني اقول واخساراته .
لقد صار شارع المتنبي الذي نتباهى به امام العالم حتى انه صار شاخصا ثقافيا سعت محافظاتنا بل والكثير من الدول الى استنساخه والذي حاول الظلاميون قتله بتفجير دموي قبل عدة سنوات فخاب ظنهم صاراليوم مرتعا مخيفا لبعض الشواذ وكل من هب ودب يتملقون فيه للفاسدين واللصوص والأمعات ويحقرون كل شخص مهذب او اديب او كاتب كيفما شاءوا وبالوقت الذي يشاءون . نعم كان شارع المتنبي ...
____________________
https://telegram.me/buratha