محمد الجاسم ||
عُرِفت المملكة العربية السعودية بأنها الدولة التي تقض مضاجع الشعوب المسلمة فقط،فلم يُعْرَفْ عنها أنها شنت حرباً لتحرير فلسطين،أو شنت حرباً ،أو ساعدت الشعوب المبتلاة بالإرهاب مثل العراق وسوريا واليمن والصومال وليبيا عسكرياً ،ناهي القارئ الكريم،عن الأموال الطائلة التي أغدقها النظام السعودي على الجماعات الإرهابية التي عصفت بأمن وأرواح المواطنين في الدول آنفة الذكر.وليس التمويل العلني والسري فقط،بل كان لفتاوى التكفير،المؤدي الى القتل والتصفية على أساس الإنتماء الى الطائفة أوالمذهب داخل الدين الواحد،التأثيرُ المباشر على عقليات الشبان السعوديين ،وتحريضهم الى أن يقصدوا تلك البلدان وغيرها، لتفخيخ وتفجيرأنفسهم في أسواق ومدارس وسيطرات الطرق الداخلية والخارجية،ما أدى الى استشهاد اعداد هائلة من الأبرياء من المواطنين وأبناء القوات العسكرية والأمنية.أما في العراق وحده،فقد ساهمت المملكة بالدعم اللوجستي دون حدود لدعم التنظيمات الإرهابية لقتل العراقيين وتحطيم بلدهم،منذ تنظيم القاعدة ومروراً بتنظيم التوحيد والجهاد،وانتهاء بتنظيم داعش،هذه التنظيمات التي دمرت وقتلت وأرجعت العراق قروناً الى الخلف،بسبب فتاوى التكفير التي كان يطلقها علماء السوء في المملكة.
لقد حصل أبشع من ذلك كله ،بعد فشل مشروع التكفير الإرهابي السعودي في العراق وسوريا،أن إستخدمت مملكة الشر أحدث أنواع الطائرات والصواريخ والدبابات أمريكية الصنع لضرب وتدمير وإبادة الشعب اليمني فوق أراضيه.ومع كل ذلك تتردد في داخل المملكة عبارات إعلامية جوفاء منذ 2 فبراير/شباط 2014 عن سياسة (مكافحة) الإرهاب في المملكة العربية السعودية ،وتُعرِّفُ هذه القوانينُ الإرهابَ على أنه "سلوك ذو نيّة إجرامية يعرِّض للخطر استقرار المجتمع ويقوِّض شرعية الدولة"،دون الإلتفات إلى حجم الإجرام الهائل الذي ألحقته التنظيمات الإرهابية المدعومة من الدولة السعودية ضد دول الجوار والمنطقة.. وكان من المضحك المبكي أن يصرح عبدالعزيز خوجة ، وزير الثقافة والإعلام السعودي،الذي أعفي من منصبه فيما بعد،" أن هذه القوانين تحقق التوازن بين حقوق الإنسان وحقوق المجتمع"،ولعله يقصد حق المواطن السعودي بأن يقضي تشريحاً بالمنشار، كما حصل للمعارض المعروف جمال خاشقجي،أو يقضي بالشنق، بعد التعذيب، كما حصل لبعض علماء الدين الإسلامي المعارضين،لكونهم مسلمينَ شيعةً وحسب،إذ ليس ببعيدة عن الأذهان، تلك المجزرة الشنيعة التي اقترفتها مهلكة الشر،مفتتحة بها العام الميلادي 2016 ،بإعدام رجل الدين الشيعي الشيخ نمر النمر وسبعة وأربعين شخصاً آخرين.
إن المملكة العربية السعودية ،حين أصدرت قوانين مكافحة الإرهاب الجديدة إنما تتعدى فيها على الحقوق المدنية وحرية الرأي لترهيب وإسكات النشطاء السياسيين السلميين من خلال المراقبة والسجن وحتى الإعدام. وقد حظيت هذه الإجراءات التعسفية باستنكار وإدانة صنّاع القرار الغربيين، وكذلك من قبل (هيومن رايتس ووتش) التي وصفت التعريف السعودي غير الدقيق للإرهاب بأنه "حاد".
وَرُبَّ قَوْل..أنْفَذُ مِنْ صَوْل..
ناصرية ـ دورتموند/ألمانيا