المقالات

العقد الإجتماعي والتعقيد السياسي

1647 2020-11-16

 

واثق الجابري||

 

عندما تكون لدى الشعوب رغبة في تأسيس نظام سياسي، قادرعلى  ممارسة خصائص الأشياء وقوانين ينتفع منها، فأنها ستنجح لا في تفسيرها أو تحديد أهدافها فحسب، بل في تغيرها  وإختيار ما هو أنسب من الأفعال، لتطبيق كل القوانين والاستفادة من خصائصه، ودون شك فذلك سينتج دولة  مُهابة وحقه سيصان.

عُدت الديموقراطية واحدة من أهم نظم الحكم التي تعطي السلطة بيد الشعب، وهو مصدرها وسلم الوصول لتحقيق القوانين التي تضمن العدالة الإجتماعية، بحكم الشعب لتحقيق أهدافه؛ إلاّ أن المخاضات وإلتقاطعات السياسية، جعلت أحيانا الشعب جزءا من الصراع أو أداة تصفية حسابات لا يجني منها سوى التأثير على الواقع، ويدفع ثمنه كسوء في الخدمة وتراجع الاقتصاد وزيادة معدلات الفقر والإنقسام المجتمعي حول الأهداف.

أفرزت معظم الأطروحات السياسية والاعلامية،  دعوات للمشاركة الشعبية في القرار، لكنها كانت دعوات دون تنظيم،  وبفعل استند على ممارسات حزبية حاكرة للمؤسسة والقرار، ولم تُدرك أن التنازع يبدأ من دعوات التضليل لمنع المشاركة الإنتخابي، وبذلك يُعزل جزء كبير من الجمهور عن مسؤولية المشاركة في إختيار  شخوص ممثليهم، ومن ثم دعوة نفس الجمهور للتمرد لكون هؤلاء لم يكونوا من إختيارهم، ومن ثم التنازع بين القوى السياسية على رئاسة الوزراء، وخلاف كبير بيت ما تحتاجه الدولة وما يتم الاتفاق عليه.

تتحدث أغلب الاصوات عن عجز رئيس مجلس الوزراء أمام القوى السياسية، وبدل أن يكون التفكير ببناء الدولة؛ صرنا نبحث عن إعادة هيبتها، وهي نتيجة طبيعية لحملة التراكمات، وتراجع الإختيار إلى الأضعف، وتتجاذب السياسة  قوى تجعل القرار صعب إتخاذ المناسب منه، وأن كان ربما سيستحيل تطبيقه، وحتى الإنتخابات صارت لا تفضي إلى إختيار من يناسب المرحلة.

إن نجاح الإنتخابات يعني نجاح الشعب في إختيار من يمثله، ممن له القدرة على إعادة هيبة الدولة، ولا تعتبر ناجحة ومقبول بعدد المشاركين فحسب، رغم أن ذلك أكثر تمثيلاً للشعب، بل الاختيار الذي يلزم القوى السياسية بالانصياع لقوى أوجد الشعب ركيزتها، على أن يكون للقانون دولة قادرة على تطبيقه، وإستثمار العقد الإجتماعي بصيغ توائم المتغيرات.

القوى السياسية ليست فقط هي المسؤولة عن نجاح العملية السياسية المستقبلية، بل الشرائح الإجتماعية مسؤولة أولاً على اختيار من يمثلها، وهي القادرة على إزاحة هذا وتعزيز دور ذلك، تبعاً لطبيعة التعاطي السياسي مع مجمل القضايا، شريطة أن لا يخضع الشعب لما تضخه وسائل إعلامية؛ سعت بمختلف أدواتها لإفشال العملية السياسية برمتها، ومنها المشاركة الانتخابية دون تنظيم أو دعوات العزوف عن الإنتخابات بذريعة التزوير وعدم الثقة بالعمل السياسي، أو أن الاعتراض على السلطات شعبي لا سياسي، وبذلك تغيب الإدراك أن الخلل يبدأ  بعد الانتهاء من الإنتخابات والنزاع على رئاسة الوزراء، وفرق كبير بين ما تحتاجه الدولة وما يتم إختيار، فما بالك في قلة مشاركة لا تمنح لقوة قادرة على إدارة الدولة أو خاضعة لقوى السياسية.. أو ما بالك في اعتراض شعبي لم يترجم إلى عمل سياسي، ولكن بالإنطلاق من الواقع  وإعادة النظر بالعقد الإجتماعي، الذي يمثل جزءه الأكبر شعب يبحث عن مصلحة عامة، ويمكن تحقيقها بالتقارب مع القوى التي تدعم توجهات الشباب، وإلاّ ستكون نتائج الإنتخابات؛ لقوى متقاطعة الأفكار ورئاسة وزراء ضعيفة، وشعب لا يجد لأهداف تطبيقاً، والعقد  الإجتماعي شديد التعقيد، ولا تستطيع السلطات تأدية أدواتها، ولا الشعب أهدافه.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
طاهر باقر : انا استغرب لماذا لابد ان يقدم شاب عراقي على الانتحار من اجل مسألة تافهة مثل هذه القضية ...
الموضوع :
انتحار طالب بعد عودته من الامتحان في واسط
باقر : والنعم من النواصب الدواعش والجولاني ..... والنعم من اتباع الصحابة ...
الموضوع :
الاردن يطرد عدد من اطفال غزة المصابين وعوائلهم بحجة ان الاردن مفلس
علي : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته نتمنى من أدارة المطار أن تسمح بدخول السيارات لأستقبال المسافر لأن نحن ...
الموضوع :
وزارة النقل تعلن قرب افتتاح ساحة النقل الخاص بمطار بغداد الدولي
الحسين بن علي : الحفيد للجد السعيد ياجد عُد فكلنا اشتقنا لرؤياك وضحكة محياك ياعذب الماء ...
الموضوع :
صورة لاسد المقاومة الاسلامية سماحة السيد حسن نصر الله مع حفيده الرضيع تثير مواقع التواصل
باقر : انت غلطان وتسوق الاوهام.... حثالات الأرض هم أهالي تكريت والانبار وديالى والموصل.... ...
الموضوع :
حماقة البعث والوجه الآخر لتكريت.
ضياء عبد الرضا طاهر : حبيبي ھذا الارھابي محمد الجولاني ھو مثل جورج دبليوا بوش الصغير وترامب صعد وصار رئيس واستقبال حافل ...
الموضوع :
صورة للارهابي ابو محمد الجولاني عندما كان معتقلا في سجن بوكا عام 2005
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
فيسبوك