عبدالزهرة محمد الهنداوي ||
تسعى الدبلوماسية، بجميع أنواعها وأصنافها، إلى تحقيق أهداف دولة او مؤسسة لدى دولة او مؤسسة أخرى، وتعتمد بالدرجة الأساس على مهارة وخبرة وكفاءة الشخص الذي يُنتدب لهذه المهمة، بعيدا عن أي تأثيرات جانبية. ومع هذا، وعلى الرغم، من "حرص" الحكومات على العناية باختيار دبلوماسييها لدى البلدان الأخرى، الا ان إخفاقات ومشاكل كثيرة يتم تسجيلها في اداء أولئك الدبلوماسيين، لاسيما الدبلوماسيون العرب، وهذا نتاج عدم النضج السياسي، وضراوة الصراعات، ومصادرة الحريات، والتغيير المستمر للأنظمة السياسية، ما يجعل الدبلوماسي وادائه مرتبطا بذلك المشهد الدراماتيكي، هذا في الدبلوماسية السياسية، ومنها يمكن ان ننتقل إلى الدبلوماسية الاقتصادية، التي لم يتميز بها العرب، مثل ما ظهرت تلك الدبلوماسية في الغرب، ولعل مرد هذا الضعف، إلى ذات الأسباب التي تعصف بالدبلوماسية السياسية، يضاف لها، الفقر الذي تعاني منه اغلب البلدان العربية، فالدبلوماسية الاقتصادية، تعتمد بالأساس على محوري، التهديد والترغيب، ومثل هذه السياسات لا يمكن اتباعها الا من قبل الدول الغنية، مثل تقديمها المنح والمساعدات ، للبلدان الفقيرة، ولكن وفق شروط وتعهدات، قد تكون شديدة القسوة، من شأنها ان تُبقي تلك الدول الفقيرة ، تحت سطوة وسياط البلدان الغنية، والأمثلة كثيرة في عالمنا اليوم..
ولكن، السؤال هنا، هل بإمكان بلداننا، "الشرق اوسطية"، كما يحلو للغرب تسميتها، ان تجد فسحة ما، لتمارس فيها شيئا من الدبلوماسية الاقتصادية؟!!، وهل لديها امكانات ما تساعدها على ذلك؟..
نعم، بالتأكيد، ولنأخذ بلدنا مثالا على ذلك، فالعراق، لديه مساحات جيدة، بإمكانه تسخيرها ، لدعم دبلوماسيته الاقتصادية، بدءً من استثمار موقعه "الجيوسياسي" الذي يعطيه قوة هائلة للتأثير الاقتصادي والسياسي، في المشهد العالمي، ونشير هنا على وجه التحديد، إلى ميناء الفاو، الذي يمثل إطلالة بحرية مهمة تربط الشرق والغرب، يضاف له القناة الجافة، التي هي الأخرى تمثل محورا اقتصاديا مهما، يمكن للعراق، ان يستثمره، ناهيكم، عن الإمكانات الزراعية، اذ توجد لدينا ملايين الهكتارات من الأرض الزراعية الخصبة، إذا ما جرى استثمارها بنحو سليم، سيتمكن العراق من غزو العالم، بمحاصيله الزراعية ومنتجاته الحيوانية، ذات الجودة العالية، من دون ان ننسى الإشارة الى وجود النفط والغاز، والسياحة، وغيرها الكثير.. ولنا ان نتصور حالنا كيف سيكون لو تمكنا من استثمار واستغلال هذه الإمكانات الهائلة، في تحقيق الدبلوماسية الاقتصادية، باسمى تجلياتها..
فقط نحتاج إلى إرادة سياسية موحدة، وإدارة رشيدة تجعل نصب عينها تطوير البلد، ورفض التدخلات الخارجية، عبر إتقان فن الدبلوماسية السياسية، لكي توفر الغطاء المطلوب لممارسة الدبلوماسية الاقتصادية..
ـــــــــ
https://telegram.me/buratha