محمد الجاسم ||
على أثر الفوز الذي حققه الديموقراطي جو بايدن على الجمهوري الرئيس الحالي دانالد ترامب في الإنتخابات الأمريكية،مازال الخصم المهزوم مرتبكاً ولا يريد أن يصدق الهزيمة.إن هذا الشعور ،إنما يشي بحقيقة لم تتضح بالإنتخابات السابقة للمواطن الأمريكي وللمراقبين خارج الدولة،ألا وهي حقيقة أن الديموقراطية في هذا البلد العظيم الذي يتشدق بمكاييل العدالة وحقوق الإنسان وحرية الرأي،إنما هي حقيقة واهية ومثقوبة،لاسيّما أن الرئيس المهزوم أعطى أوضح مثال لذلك ،حين أخذ يقاوم الهزيمة الإنتخابية ويتوعد بالمزيد من الدعاوى القضائية ،بعد أن كان يهدد يومياً بإجراءات ليست مقبولة ضد منافسه الفائز.لقد وصلت طعونه بالنتائج الى اتهام خصمه بالإستفادة من أصوات مزورة لمواطنين موتى،وتكرار اقتراع مواطنين في أكثر من ولاية.
لا يزال الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب مرة أخرى،يؤكد بأنه لا ينوي الإعتراف بهزيمته في الانتخابات الرئاسية،رغم النصائح التي تلقّاها من مستشاريه ومن سكرتير البيت الأبيض ومن زوجته وأبنائه. كتب ترامب على تويتر أنه سيبدأ قريباً "دعاوى قضائية كبرى" تشكك في نتيجة الإنتخابات الرئاسية التي ابتدأت في الثالث من نوفمبر/تشرين ثانٍ 2020،بغية إدامة وجوده في البيت الأبيض أطول مدة ممكنة لتنفيذ الحماقات السياسية والعسكرية التي لم يحققها في ولايته المنقوضة،وإحدى هذه الحماقات ،تهديده بالقيام بضربة عسكرية جوية لقواعد الصواريخ الدفاعية للجمهورية الإسلامية في إيران المخبوءة تحت الأرض. وحين أدرك وزير دفاع ترامب (مارك إسبر) إستحالة النجاح وتحقيق الغاية بهذه الضربة المفترضة،إعترض الوزير على رئيسه ورفض القيام بها،ما دعا الرئيس ترامب الى الإنزعاج من وزير دفاعه وإقالته فوراً.وكان أول تصريح للوزير المقال بعد خروجه من المنصب ،أنه قال:" ليعلم ترامب، أنني لست ممن يقول لرئيسه ،في الأحوال جميعها، نعم سيدي".
لم يتقبل ترامب النتيجة التي جاءت ليست لصالحه ،ويواصل إنكار هزيمته الانتخابية ويأمل في قلب انتصار بايدن على المسار القانوني. وقال مسؤولو الانتخابات الرسميون من كلا المعسكرين إنه لا توجد مؤشرات على حدوث مخالفات كبيرة في الانتخابات لحد الآن.
أما على الصعيد القانوني، فإن الدعاوى القضائية السابقة لم تحقق نجاحاً كبيراً في المحكمة. كما وصفت السلطات الرسمية الإقتراع بأنه الأكثر أماناً حتى الآن.لقد وظّف ترامب مجموعات من المحامين لإقامة دعاوى قضائية ضد نتيجة الانتخابات الرئاسية في ولايات كانت تعد من الولايات المتأرجحة،مثل بنسلفانيا المهمة. عندما تم تحديث الشكوى ، قام المحامون بحذف المزاعم القائلة بأنه عند فرز الأصوات ، انتهك المراقبون من جانب ترامب الحقوق الدستورية. أراد محامو ترامب إبطال مئات الآلاف من الأصوات في ولاية بنسلفانيا على هذا الأساس.
لا يزال الادعاء بأن ناخبي ترامب الجمهوريين محرومون في ولاية بنسلفانيا ،لأن بعض الدوائر ذات التوجه الديموقراطي سُمح لها بتصحيح الأخطاء في بطاقات الاقتراع،و في مفاجأة للمراقبين حصل بايدن على غالبية الناخبين في نتائج المعركة من أجل البيت الأبيض.
لقد وعد الرئيس المنتخب جو بايدن بتغيير الكثير من تركة سلفه من القرارات المجحفة بحق المواطنين،والمهاجرين المسلمين وغيرهم،وبحق الدول التي تضررت من سياسات ترامب العدوانية الإستكبارية. وبما أن السياسة الخارجية الأمريكية تجري على نهج مسيطر عليه من قبل اللوبي الصهيوني،فلا نتوقع من جو بايدن أكثر من الإستفادة من الدرس الذي أعطاه إيّاه سلفه المتهور بتخريب علاقات بلاده الدولية،وإحاطته بالمزيد من العزلة،وخاصة من الصين وروسيا والإتحاد الأوروبي.كما يتطلب الأمر من الرئيس المنتخب أن يستفيد من درس الإحباط والفشل الذريع التي اعترى سياسة العقوبات الأمريكية ضد إيران،ماعزز من قوة إيران وصلابتها وحظوتها الدولية لدى محاور القوة في العالم. ولذلك من المرجح أن تتخذ واشنطن الجديدة نهجاً أكثر ليونة، بما في ذلك إمكانية إعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب.
ورُبَّ قَوْل..أنْفَذُ مِنْ صَوْل.
ناصرية ـ دورتموند/ألمانيا
17 ت2 2020
ـــــــ
https://telegram.me/buratha