المقالات

في زمن الكورونا يظهر الحسين (ع)


طاهر باقر

لقد ظهر وجه الحسين؛ فسالت قلوب العاشقين دموعا، ونزفت افئدتهم شوقا، وتصدعت صدورهم حنانا، انهم يرونه قريبا، ونراه بعيدا ، وتغلغلت كلماته في احشائهم ، فاصبحوا من الحسين والحسين فيهم يقودهم الى طرق جنة الاربعين، تستريح ارواحهم بتعب اجسادهم، وتقوى هممهم كلما اشتد الخطب وزادت الاخطار.

تقطعت اوصالهم بالقنابل ولم يصرخوا وجعا بل قالوا ياحسين، ثقبت اجسادهم عشرات الرصاصات ومازالوا يرددون ياحسين، هكذا اطلقوا عليهم "مجانين الحسين" لايعرفون ماذا يفعلون بهذا العشق، يلطمون على الصدور؟ يضربون على الرؤوس ؟ يسيرون حفاة على جمر حبه وهل يكفي؟ وربما قتلنا الحسين حبا ومااجمل الموت في عشق الحسين!

 

وتسرب الخوف لقلوب الناس عند شيوع فيروس كورونا، ولم ينج احد من هذا الخوف، لارؤسائهم ولااثريائهم ولافقرائهم، لقد اطاح المرض باشجع شجعانهم ودفن تحت التراب رؤوس اقويائهم، الا زوار الحسين لم يخشوا المرض ولن يخشوا الموت، قدموا جموعا الى هذا المسير وهم يعلمون ان الخطر يحدق بهم، وان الموت يلاحقهم، وان المرض قد ينقض عليهم ايها الحسينيون مابالكم لاتبالون بالموت؟

سيفقد الموت معناه عند عتبة الامام الحسين عليه السلام، لان الحسين ينفخ الحياة في كل شيئ حتى لايبقى مع الحسين موت، انظروا كل الاسماء التي ارتبطت بالحسين هي حية على مدى الدهر والحياة، من رواديد وشعراء وادباء وخطباء ويبقى اسم عبد الزهراء الكعبي

خالدا في الوجود وكذلك حمزة الصغير وكذلك ملا باسم الكربلائي فهؤلاء لايموتون لان اسمهم ارتبط بالحسين.

وهذا اعجب مافي الوجود، فكنا نقول سابقا ان اسم الحسين خالد لكننا بدأنا نقول ان خدام الامام الحسين هم ايضا خالدون، وحتى الذين ثاروا باسم الامام الحسين عليه السلام ايضا خالدون وكل من رفع علما للحسين رفعه الامام الى عليين.

 

بحسابات مادية دقيقة نريد اليوم ان نحسب الامور، ونطلب من دعاة المذهب المادي ان يقدموا الاجابات العلمية عن ملايين الاشخاص الذين يصنعون الحدث الاكبر بحسابات الكون الاكبر ويقدمون صورة غير مفهومة لكثير من الناس كيف ينجذب اكثر من اربعة عشر مليون انسان الى نقطة واحدة في العالم هي مدينة كربلاء المقدسة؟.

كل البقاع المقدسة في العالم لم يفد اليها هذا العام حجاجها بسبب فيروس كورونا،) مكة المكرمة والمسجد النبوي الشريف والمسجد الاقصى كلها اغلقت ابوابها) الا كربلاء بقيت هي البقعة الوحيدة التي يؤمها الزوار من كل مكان، وبقيت قوتها الجاذبة تعمل على جذب ملايين الناس اليها من دون الخشية من اصابة بمرض او حتى الموت في مسيرة الاربعين العظيمة.

لقد اقرت منظمة الصحة العالمية مجموعة من البروتوكلات التي تساعد الافراد على حماية انفسهم من الاصابة بفيروس (كوفيد 19 المستجد) واشتملت تلك البروتوكولات على وضع الكمامة والتباعد الاجتماعي بمسافة متر الى متر ونصف بين الافراد، اضافة الى غسل اليدين لمدة عشرين ثانية، وكذلك تعقيم وتطهير محيط العمل.

ولاشك ان الالتزام بهذه التعليمات ستساعد الافراد على توقي الاصابة بالفيروس، لكن الذي جرى لدينا في العراق هو يفتح قائمة من الاسئلة العريضة التي لانعرف الى من نتجه بالسؤال عنها لنحصل على الاجابات العلمية!

في زيارة اربعين الامام الحسين عليه السلام توجه ملايين العراقيين من جنوب العراق ووسطه وشماله الى كربلاء المقدسة، كلهم امل في الحصول على البركات المعنوية والروحية لهذه الزيارة العظيمة ولم يفكر واحد منهم انه سيحصل على اجر مادي مقابل هذه الزيارة، لانهم يعتقدون بان الاجر المعنوي هو اعظم واكبر واكثر تاثيرا من المادي.

لكن الذي حدث هو شيئ عجيب، كنا ننتظر ان يصاب ملايين الزائرين بمرض "الكورونا" او على الاقل مئات الآلاف منهم وان يكثر الموتى بين الزائرين، ويسقط البعض منهم في الطريق، ولو حدث مثل هذا الامر هل كان الناس سيتراجعون عن المسير الى كربلاء؟ وهل كانوا سيرجعون الى ديارهم؟.

بالعكس هم كانوا على استعداد لتقديم الضحايا في هذا الطريق ولايبالون وقعوا على الموت او وقع الموت عليهم، بل هم يتمنون الموت في هذا الطريق، حتى يسجلون انفسهم في ضحايا مسيرة الامام الحسين عليه السلام.

هذه المسيرة التي شهدت التضحيات منذ السنين الاولى لشهادة الامام الحسين عليه السلام، انطلاقا من ثوة التوابين ووصولا بثورات العلويين والمختار والكثير الكثير من التضحيات في مسيرة الامام الحسين عليه السلام حتى كان الواحد منهم يقدم يده او قدمه ليسمحوا له بزيارة الامام لان الطغاة كانوا يقطعون الاقدام والايدي لزوار الامام الحسين عليه السلام.

هؤلاء الزوار لن تخيفهم الفيروسات او المكروبات، ولن تردعهم عن زيارة الامام الحسين عليه السلام، وكانت التوقعات تذهب الى اصابة مئات الآلاف في هذه الزيارة التي لم تراعى فيها اي نوع من البروتوكولات الصحية.

الملايين كانوا يسيرون جنبا الى جنب ولاتفصل بينهم سوى بعض السنتيمترات القليلة، وكانوا يشربون المياه من نفس الكؤوس، وكانوا ينامون بجوار بعضهم بعضا، والاكبر من ذلك ان الملايين منهم كانوا يقبلون نفس الموقع من الضريح المقدس!

اذا تجاوزنا عن مسألة عدم الالتزام بالتباعد خلال مسيرة المشي كدليل على وجوب ارتفاع عدد الاصابات بكورونا وكذلك عدم رعاية البروتوكلات الصحية الاخرى ، فأنه لايمكن القبول بعدم اصابة ملايين الزوار الذين قبلوا الضريح!

لو افترضنا ان شخصا واحدا فقط بين هؤلاء المقبلين للضريح مصاب بفيروس كورونا لتمكن من نقل عدواه الى ملايين الاشخاص .. مالذي حصل؟ ولماذا انخفضت اعداد المصابين في زيارة الاربعين بدلا من ان ترتفع ؟ ولماذا لم يتوفى شخص واحد خلال ايام الزيارة في مدينة النجف الاشرف؟

نقدم هذه الاسئلة على طاولة دعاة المذهب المادي والوجودي: واستنادا الى نظرية ارتفاع اعداد الاصابة بالمرض لمجرد حصول تجمع كبير في اية بقعة في العالم ..هنا نسال لماذا لم يصاب زوار الاربعين بفيروس هو ينتقل الى الاشخاص عن طريق النفس بسهولة؟ لماذا كانت الوفيات قليلة نسبة الى عدد المتواجدين الهائل في منطقة واحدة؟

ومثلما عجزوا عن اظهار هذه الزيارة المعجزة على وسائل اعلامهم سيضعون رؤسهم مرة اخرى في التراب مثل النعامة لانهم لايستطيعون الاجابة عن هذه الاسئلة!

 

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك