علي فضل الله الزبيدي ||
فنلندا تلك الدولة الاوربية المتطورة، لم تصل الى ما وصلت اليه الان من تقدم في كافة مجالات الحياة، الا من خلال استراتيجية التعليم التي وضعت في تلك الدولة البعيدة التي تحاصرها الثلوج من كل مكان وعلى مدار اكثر من ثمانية اشهر في السنة، الا ان لهيب طاقة التعليم الهمها الارادة والامكانية، لتصبح بلد متوقد بنار العلم ونوره، وليكن التعليم سببا في ازدهار قطاعات الصناعات التكنولوجية فيها بل وكل مجالات الحياة، لتتحول فنلندا من استثمار الموارد الطبيعية(وهي ليست بالشيء المهول والكبير في فلندا) كما يحصل في النايمة(النامية) كالدول العربية، الى استثمار العقول البشرية التي لا تضاهيها اية ثروة في العالم.
بينما نجد بلدنا العراق يتخبط في سياسات تعليمية، لا تصدر الا من نطيحة ومتردية، سياسات من يقف ورائها جل همه، كيف يستثمر التعليم وازماته لزيادة رأس ماله ومال حزبه؟ من باب الغاية تبرر الوسيلة، لذلك نلاحظ التعليم يتهاوى يوما" بعد يوم من سيء الى اسوء، فالبنى التحتية من المدارس لا تتناسب كاعداد مع نسبة الكثافة السكانية، وهي ان وجدت فأنها متهالكة وخالية من وسائل التعليم المتطور الذي يواكب المتغيرات العصرية في مجالي التربية والتعليم، بالاضافة الى خلو اغلبية تلك البنايات من وسائل الراحة للطالب، والادهى من ذلك كله هو تدني المستوى العلمي لكثير من الكوادر التعليمية والتدريسية، وهذه بمجموعها من تراجع الدخل الاقتصادي للعائلة العراقية، ادى الى ارتفاع نسبة الامية، وكذلك انخفاض المستوى العلمي لثقافة الطالب العراقي.
وكل تلك المآسي في وزارة التربية ، والتي تعد الاساس لتقدم البلدان وتطورها، وقد تصبح هي سبب في تدني البلدان وتخلفها، والاحتمال الثاني هو الارجح للوضع العراقي، ورغم ذلك قبلنا بذلك الحال على عواهنه، مسيرين ولسنا مخيرين بذلك.
لكن ان تتحول جائحة كورونا لنسف التعليم بالكامل، فهذا ما يستحق الوقوف والمراجعة، من خلال جر العراق لتطبيق سياسات مرسومة لنا من الخارج، بذرائع شتى كان اخرها واهمها جائحة كورونا، فقد تصرم العام الدراسي السابق، بفشل كبير لما يسمى بالتعليم الالكتروني، وقبل الاباء الامهات على مضض خوفا على ابنائهم من جائحة كورونا وفايروسها القاتل، وكأن العراق بلد خلا من الامراض المعدية والسارية والخبيثة وووو.
لكن ان تستمر هذه المهزلة الكبيرة، مستغلين فيها اصحاب القرار، فوبيا المجتمع العراقي من فايروس كورونا، فهذا ما لا يمكن السكوت عليه، فقد دجن اطفالنا واصبحوا مدمنين لاجهزة الموبايل، نتيجة شل الحركة الاقتصادية والاجتماعية والترفيهية لمدة تجاوزت الاربعة اشهر ، وهذا الادمان يفوق بخطورته كل الفايروسات القاتلة، أمام صمت حكومي رهيب، ولكن أين الحكومة؟ فالفوضى السياسية عارمة وتهز العراق بأسره، أثرت على كل مجالات الحياة، وكأن الحكومة الحالية ارادت للعراق واهله الموت السريري البطيء، بحجة كورونا.
الوضع الصحي في العراق مستقر ، وتراجع نسبة الاصابات بشكل كبير، بل وحتى الوفيات، وهذا عامل ايجابي من المفترض ان يقابل بتقليل الموانع والعقبات لعودة التعليم الى وضعه الطبيعي، أو على الأقل دوام المدارس لثلاثة ايام مع ضغط المنهج الدراسي واخذ التحولات الصحية في المدارس، فبدل ان نصرف على كذبة المنصة الالكترونية، نكثف الجهود على الوقاية الصحية وبالتعاون ما بين وزارتي التربية والصحة، وبالاضافة لانحسار شدة المرض، نلاحظ حالة الاختلاط في الاسواق والاماكن العامة التي تبين تعايش الفرد العراقي مع الفايروس دون وصول العراق لكارثة صحية، كما وان الاطفال في الاحياء الشعبية عادوا للاختلاط وهو واضح جدا وعملية التباعد المكاني لا محل لها من الاعراب سواء لدى الكبار او الصغار.
كل هذا والتربية وخلية الازمة، تعلن ان الدوام ليوم واحد، والاعتماد على المنصة الالكترونية، اقول يا جهابذة البلاد،
اين البنى التحتية للتعليم الالكتروني في العراق؟
هل راعيتم ان كثير من الاباء والامهات يعانون من عمى الامية؟
فمن يأخذ بيد طلاب الابتدائية الى المنصة الالكترونية والاهل جهال غير متعلمين؟
بل وأن كثير من العوائل العراقية لا تجد قوت يومها لكي تأكل، فهل تمتلك تلك العوائل من المال، ما تستطيع من خلاله توفير، اجهزة موبايل حديثة او أجهزة الكمبيوتر، لكي يتابعوا اطفالهم منهاجهم التدريسي والتعليمي، بالمقابل امام هذه التعليمات(التعسفية) وبكل غرابة نجد ان المدارس الاهلية اغلبها كان لهم استثناء الدوام الكامل، أمام هذه التناقضات العلنية، الى اي مستوى وصل العراق فقد تاجر اصحاب القرار بمصير وحياة ابنائه، السؤال الذي اريد ان اطرحه على خلية الازمة ووزير التربية؛
هل تم التعاقد من منتجي فايروس كورونا بعدم التعرض للمدارس الاهلية؟ كي تجيزوا لهم الدوام دون غيرهم.
أم أن أطفال المدارس الأهلية لديهم من المناعة ما يؤهلهم لمواجهة الفايروس البعبع؟ أو قد يكونوا زودوا بلقاحات مضادة للفايروس؟
ما أفهمه من هذه التحركات المريبة، والتي يجب ان نرى لممثلي الشعب البرلمان العراقي، تدخل لرفع الحيف عن اطفالنا، وانهاء هذه المهزلة التعليمية، التي لا تفهم الامم منظور واحد بحجة فايروس كورونا، سنقتل التعليم المجاني والمكفول دستوريا" وحتى ضمن مواثيق العهد الدولي لحقوق الانسان تم ادراج هذا الالتزام على كل الحكومات، والمراد واضح هو اجبار الاهالي للتحول الى التعليم الاهلي،، انا هنا اطالب بعودة الدوام لثلاثة ايام مع مراقبة النتائج.
واقول أيضا" متى تتعض الطبقة السياسية من أزمة التظاهر التي اريد لها ان تجرف كل هذه الطبقة السياسة، يجب ان تغادروا عقلية تجار الازمات والتحول الى رجال دولة يصنعوا من الازمات فرصا" ليس لانفسهم كما يحصل الان وحصل سابقا"، بل تكون تلك الفرص لشعوبهم التي صبرت وأوذيت كثيرا من اجلهم،، فالوفاء شيمة البشر الصالحين،، وأما الغدر فهو متلازمة الاشرار الطالحين.
https://telegram.me/buratha