د. هاتف الركابي||
· الناصرية مدينة العشق .. ووترٌ من قيثارة الألم ..
رغم انها بعيدة ، ، الا اني اشعر بقربي منها حد التلاشي معها.. وانا اعشق اندكاكي فيها كما يقول الاديب حمد الله..
الناصرية كانثى غريبة في كل شيء،،
وانا اراها وطن لاحلامي المستباحة..
تنثر عطرها على نوافذ قلبي،،
وانا اموت كل لحظة على ابواب قيثارتها ..
هي من تعيد النبض لامنياتي،،
فيعود الفرح المغادر عن شوارع مدني..
هي لي .. وانا املكها دون ان تعلم.. اشاكسها ،، اغازلها،، ابعثر خصلات شعرها،، ثم اجمعها فتبتسم،، لتتوقف كل مواكب حزني..
هي اجمل قصائدي كلما ألمح صورتها في طرقات الذاكرة..
هم ارادوك ِ ( ياذي قار ) وطناً تموت فيه السنابل عطشاً ،، وتكثر التجاعيد على ضفاف الغراف..
هناك في ( سوق الشيوخ ) عندما يتحول الحزن الى وجع سومري يرسم نواح الامهات على ارصفة الايام الغابرة يكون للموت طعم الاحلام المؤجلة ..
وهناك في ( الشطرة ) عندما تتحدث العيون تتعطل لغة الشعر ويصمت كُتاب القصائد ويصبح للدمع لغةً لايفقه مفرداتها إلا من يعرف أسرار الحب والأمنيات ..
وهناك في ( الفهود والچبايش ) عندما تكون التحية تحية وتتوقف المراسيم لاستقبال الحزن القادم من أعماق الاهوار ..
وهناك في ( النصر ) ستجد ( عزيز والشعراء والأدباء ) ( ووائل والشهداء) ولحن الحزن لـ(أبي شوقي ) يعبر عن أم ٍ مفجوعة بوطنٍ لا ينصف أحزان الفاقدات ..
وهناك في ( الرفاعي والقلعة والفجر ) كثيراً ما هطلت أمطار الحزن وامتزجت مع دموع السماء والسائرين..
من أية طينةٍ خلقتكم السماء أيها الذيقاريون!!؟؟.. يافقراء الوطن،، ايها السومريون،، المحملون بكل مواجع الحروب والأحزان ،، تجزلون بالعطاء
وانتم تعيشون زمن المجاعة والحرمان..
الناصرية بوصلة الازمنة نحو ميادين الحرية والخلود .. لطالما تحول عطش اهوارك الى انهار يرتوي منها كل الثائرين ..
هناك المدينة التي تناغم فيها التاريخ والجغرافيا بعشق في لوحة جميلة ، من سومر .. ومن القيثارة التي عزفت لحناً ولحناً،، حتى انتجت لنا ( شبعاد ) الجميلة..
هناك في اقاصي الاهوار وبين الماء والطين وحقول القصب الفضية تأتي أسراب الطيور المهاجرة لترسم نقوشاً فنية زاهية بألوانها ..
هناك اوروك وأور ولجش واريدو وزقورة العشق ،، المدينة التي يتفجر الفن والشعر والعلم والادب والفكر والابداع من بين ثناياها فانجبت رجالاً كقمم الجبال ..
هناك كان ( عريان ) المتأنق بأحزان الجنوب وقاموس دواوين الشعر والمفردات الغريبة وملح القصائد ..
هناك ( جبار الغزي ) الذي كان دمعة مواويل العاشقين عندما يعيشون اغترابهم بين أزقة المدن البعيدة في (غريبة الروح) ،،
وهناك كان ( زامل ) الزارع في دروب المنافي ألف وردة ونجمة ، وهناك ( الشهداء ) الذين طووا آخر صفحات أوجاعهم السومرية بين القصب والبردي ..
هناك في جبين الهور ترسم الطيور لوحات الاشتياق وتشاكس العصافير ضفائر النخيل فيتساقط الرطب أغنيات وأمنيات وأحلام ،، هناك الرفض والالم والامل ،، هناك تقرأ كل أوجاع العراق وأنين الأمهات ..
بغياب الناصرية يقتلنا البرد ونحن في فصل الاشتياق ،، وعندما تموت ابتسامة ذي قار فأن الشمس لن تشرق على خارطة أوجاعنا أبداً ،، نحن وهي حكاية حب ومواويل صدق وأناشيد غرام ..
فأحياناً نرسمها حمامةً بيضاء ، تحلق على أغصان الأمل ،، وأحيانًا نرسمها غيمةً صغيرة تمطر ابتسامات وأمنيات .. وكلما تشوهت وجوه المرايا ننثر عليها قليلاً من عطرها فيعود إليها بريقها القديم ..
لقد تعلمت من ذلك الجنوب أن لا ألتفت إلى النعيق الذي يثير الضجيج خلف خطواتي الواثقة لأني اعتدت على الانصات لصوت الطيور التي تملأ سماء امنياتي ،، ومساكين أولئك الذين يتصورون أنهم أفضل من الجميع متناسين أن الانسان بإنسانيته لا بألقابه ومناصبه..
الناصرية قلب معشب النبض
من السموات مذبوح على الأرض
احس بالجرح يعوي بين أوردتي
كأنني بعضها أو أنها بعضي
لك السلام لكل الماثلين على
اهوارها من قبيل النفل و الفرض
https://telegram.me/buratha