محمد الجاسم ||
بعد الفشل الذريع الذي وصلت إليه قيادة حزب الإتحاد الوطني الكردستاني، في معالجة السطوة والتجبُّر اللذين تتعامل بهما حكومة أربيل ،التي يهيمن عليها الحزب الديموقراطي الكردستاني،وبخاصة في ملف الخدمات والرواتب،وبعد مرور العلاقة بين الحزبين بمراحل تشنج وخلافات ،تبادل فيها الطرفان التخوين والطعون،وهذان المثلبان ليسا،بأية حالٍ من الأحوال،أسوأ وقعاً على أبناء شعبنا من الكرد، من فتنة تلوح علائمها في الأفق،تعيدنا الى الفتنة الرهيبة التي زرعتها في الجسد الكردي،مخابرات المجرم المقبورصدام،وبمساعدة المخابرات المركزية الأمريكية،وأدّت الى مذبحة رهيبة حصدت من أرواح المواطنين الكرد في أربيل والسليمانية وغيرهما ،حوالى خمسة آلاف قتيل من المدنيين والمقاتلين،وذلك في أواسط العام1996 لتكون حلقة في سلسلة إحتراب ومذابح بين ميليشيات الحزبين الرئيسين في أوقات سابقة.
ولايبدو أن الحزبين الحاكمين في الإقليم لايحرصان على كرامة المواطن عندهم ورفاهية معيشته وتأمين رزقه،أكثر من حرصهما على بناء الصروح المالية والشركات الإستثمارية التي تُتْخِمُ بعائداتها المالية جيوب المسؤولين الفاسدين.لقد أخذ المستوى المعيشي للمواطنين محدودي الدخل،بالإنحدار،وخاصة الموظفين الذين يتعرضون الى سياسة تجويع متعمدة،مرة بسياسة الإدخار الإجباري،ومرة بقطع الرواتب وتأخير صرفها،وبعد أن امتلأت الأجواء الإعلامية في كردستان العراق بضجيج الإتهامات المتبادلة بين الطرفين،اصبح واضحاً أن سوء إدارة الإقليم وتفشي الفساد لديهم ،قد أطاح بتحالف كردستاني ينتمي الى إقليم شمال العراق،حتى بات من الصعب ان يعود التحالف الكردستاني الى واجهة المشهد السياسي العراقي،بعد الهزات العنيفة التي ضربت الثقة بين أطرافه،وتركيز أطراف معارضة كردية في الإقليم وفي بغداد،على إتهام مسؤولي الحزبين بالإستحواذ على موارد الإقليم وحرمان أبناء الإقليم منها.
بالأمس القريب،إستخدمت سلطات الإقليم في دهوك البطش والإعتقالات وإساءة المعاملة مع متظاهرين يطالبون بصرف رواتبهم،وقبلها تم قمع محتجين للأسباب ذاتها في مدينة أربيل،واليوم،ينزل المواطنون الكرد في شوارع السليمانية للمطالبة بحقوقهم الطبيعية،لكن سلطات الإتحاد الوطني تقابلهم بالغازات المسيلة للدموع لتفريقهم،وكذلك تم إطلاق عتاد حي من بنادق ومسدسات ،كما أظهرت مقاطع الفيديو التي تداولها إعلام محلي وعالمي.
لن تغيب عن ذهني المواقف المنافقة والمرائية التي كانت تضطلع بها أطراف سياسية كردية حين سقط ضحايا بين المتظاهرين والقوات الأمنية في تظاهرات الوسط والجنوب،تستنكر وتتهم السلطات العراقية الإتحادية بقمع المتظاهرين،واليوم تمارس الأحزاب الكردية الحاكمة الأسلوب عينه لبسط رعبها وإخافة المحتجين من الموظفين المغبونين.
إن يومَ المظلوم على الظالم،أشدُّ من يوم الظالم على المظلوم.
ورُبَّ قَوْل..أنْفَذُ مِنْ صَوْل.
ناصرية ـ دورتموند/ألمانيا