الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||
كشفت الأيام عن ارادة طموحة للشعب العراقي في مقارعة الظلم والحد من الفساد الذي قبع على قلوبنا عبر بوابة الاصلاح المتهاوية والمتآكلة بالصدأ المانع لجوهر الرؤية الصحيحة فاختلط الأمر على أصحابها ليكونوا مصداقاُ لقوله تعالى(قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا- الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا- وَ هُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعا), فلا يمكن أن يكون الفاسد قائدا يقود للنجاة من طوق الفاسدين بدعوة محاربتهم أو الوقوف بوجههم؛ بل قد يعمل على كسر الارادة الوطنية التي باتت واضحة عند الشعب المضطهد للحد من تمادي السراق والفاسدين في مختلف مفاصل هذه الدولة.
إن ثورة تشرين التي بدأت بإرادات مختلفة ومتداخلة, فكان منها الإرادة الوطنية التي ثارت من أجل العوز والشعور بعدم جدية الطبقة الحاكمة في النهوض بمحاربة الفساد, وهؤلاء على قلتهم إلا إنهم أثبتوا وطنيتهم وتفانيهم واخلاصهم. وكانت في تشرين أيضاً تلك الاجندات التي أجهضت المحاولات الحقيقية للإصلاح, حتى دفعت الحكومة إلى الاستقالة؛ وبالتالي تحقيق رغبات أعداء الوطن في افشال العقود الدولية التي لم ترضى عنها أمريكا, والبقاء تحن هيمنتها بعد تشكيل حكومة المرحلة الحرجة التي لا نتصور منها الجرأة للوقوف بوجه الشيطان الأكبر أبداً.
ولابد من الاعتراف بأن الارادة الوطنية لم تمت بتلك المحاولات التي تشكلت لإجهاضها وتسويقها خدمة لأعداء الوطن, فغيرة العراقي متأصلة بذاته, ولا يمكنه السكوت على الباطل, فان سرقوا من الشعب ثورة تشرين؛ فثورة كانون هي حقيقة ممتدة لثورة تشرين, وشعب كردستان جزء أصيل من الشعب العراقي وقد امتزجت دمائهم بدمائنا, ونحن معهم شركاء في محاربة الطبقة الفاسدة التي قبعت على قلوبنا منذ عقدين من الزمن تقريباً, والمسؤول الذي مثَّل كردستان في الحكومات المتعاقبة لم يكن أقلَّ فساداً من مسؤولي المحافظات الاخرى في الوسط والجنوب والغربية.
إن الذي يعتصر له القلوب ألماً هو التعامل غير المهني مع ثورة الجياع في كردستان, فالقنوات والبيجات وأكثر الفيسبوكيين تجاهلوا المظاهرات من مختلف أقضية ونواحي شمالنا الحبيب, علماً أن هناك شهداء وجرحى وقد تعاملت القرات الحكومية معهم بالقسوة والقوة المفرطة من خلال الذخيرة الحية, وتشويه الثورة, أو عدم تسليط الاضواء عليها لقمعها ووأدها في مهدها.
والذي يهمنا هي الازدواجية الدولية والمحلية في التعامل مع ملف المظاهرات في كردستان, فعشرات الشهداء والجرحى, ولم تنبس الامم المتحدة ولا الدول التي تدَّعي حقوق الانسان بكلمة حقيقية لإيقاف نزيف الدم الذي جاء ليعلن عن مظلوميته وتجويعه بمصادرة حقوقه لسنوات على يدي المسؤولين الذين ثبت ولائهم لجيوبهم ولأجندات خارجية عملت وتعمل على كبح جماح الاصوات الوطنية, وتحاول قمعها, وكسرها لتنتعش مافيات الفساد وفي الجوانب المختلفة؛ لذلك فإنه يستلزم على جميع الشرفاء والوطنيين أن يقفوا مع ثورة الجياع في كردستان؛ لأنها تمثل ثورة الشرف واسترداد الكرامة ومحاربة الفاسدين, ومن العار والرذيلة سكوت هؤلاء الذين كانوا يزيدون من حطب التظاهرات في الجنوب واليوم جعلوا الغشاوة على أسماعهم وأبصارهم فلم يتفاعلوا مع ثورة كانون ولم يقفوا إلى جانب الثوار.
ــــــ
https://telegram.me/buratha