منهل عبد الأمير المرشدي||
منذ سقوط الصنم حتى اليوم رأينا ما لم نره من ذي قبل وما لم نتصوّر اننا سنراه يوما ما , وسمعنا ما لم نسمع من ذي قبل وما لم نكن نعتقد إننا سنسمعه يوما ما . رأينا كل شيء خارج إطار المتوقع وحتى ما لم نسمعه في حكايات جدتي ولا حتى في قصص ألف ليلة وليلة.
مجرمين ولصوص حصلوا على امتيازات السجناء السياسيين ودواعش يتقاضون رواتب في سجل الشهداء وصداميين في سجل الضحايا والمساكين ومنهم من أطلوا علينا رؤساء لأحزاب وكتل سياسية وجبهات برلمانية . يهود متأسلمين وحرامية معممين ولبرالية متدينين وعرب مستكردين واكراد متصهينين وسنة متصفوين وشيعة متسنين .
رأينا كل شيء . فاسدين ومفسدين يتحدثوا بلغة الإصلاح والمصلحين ومعتوهين يتحثون من على منبر الحكماء وفاسقين منبوذين يدافعون عن الشرفاء والمتعففين والشرفاء يدافعون عن الفاسقين ومنافقين في الصف الأول ونبلاء اخيار في الصف الأخير و(كلشي وكلاشي) .
رأينا ما رأينا وسمعنا ما سمعنا وكيف انحدر كل شيء لدينا في التعليم والقضاء والإقتصاد والصناعة والزراعة وحتى المنظومة القيمّية والأخلاقية والدينية وتفشى الفساد في الصغير والكبير في البيت والمدرسة والمؤسسة والشارع والمسجد وكل مكان من دون استثناء إلا ما رحم ربي .
التعليم والقضاء هما اكثر الأركان التي بتهديمها تتهدم الأمة ويقع سقف الوطن على رؤوس الجميع فلا وطن ولا حتى الجميع . نحن اليوم نشهد ظاهرة وقد استفحلت وانتشرت كالنار في الهشيم هذا التواتر والتعاقب والتساكب والتسارع والتسابق واللهاث في نيل شهادة الدكتوراه في عراق ما بعد التغيير .
مع احترامنا لكل من استحقها ونالها بحق وجدارة واستحقاق لكننا اليوم إزاء حالة من الفوضى لا يمكن وصفها الا بالإستهتار بالعلم والمنظومة التعليمية حتى وصل الأمر الا اننا نجد اغلب من نعرف ومن لا نعرف من الأصدقاء والجيران والبعيدين والقريبين اما وقد نالوا شهادة الدكتوراه او انهم قدموا اطروحتهم لنيلها .
المشكلة ليست في اعداد ( الدكاتره) التي تجاوزت كل الحدود حيث امتلأت الدوائر والمؤسسات انما المشكلة الأكبر في كيفية الحصول على هذه الشهادة وحمل لقب الدكنور لمن هو كأنه لا يقرأ ولا يكتب ولا يفهم ولا يعقل وقد تفاجئت وصدمت بالدكتور ...... الذي لا يعرف يكتب جملة مفيدة او انه يخطأ في كتابة اسمه ما بين الضاد اخت الصاد والضاد اخت الطاء او هو من جماعة (شكرن جزيلن) وهو الذي يحق له ان يكون استاذا جامعيا او قاضيا.
اللهم ارفق بنا يا الله فجامعاتنا الأهلية ملأت الأزقة والشوارع والساحات وهؤلاء الألوف من (الدكاتره) ربما صار بعضهم قاضيا يحكم بالناس والنزاهة ناهيك عن النائب والوزير والمدير ودكتوراه كل عشرة بربع .
ــــ
https://telegram.me/buratha