المقالات

أين يقع العراق في سياسة الادارة الامريكية الجديدة ؟


 

محمد صالح صدقيان

 

 لازال المجتمع الدولي يترقّب التصورات التي تحملها ادارة الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن حيال الازمات والملفات الساخنة التي تعقّدت بشكل كبير في عهد الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب . الجميع يترقب لأن الرئيس ترامب وضعهم على صفيح ساخن وأعاد تسخينه عندما فشل في الانتخابات الرئاسية لولاية ثانية ، متوعداً بالهجوم على هذا الطرف او ذاك وكأنه يريد الانتقام من منافسه ليس في صناديق الاقتراع حيث فشل فيها ؛ وإنما في هذه الملفات التي اراد لها أن تسير وفق تصوراته وبرامجه وخططه التي وضع اسسها مع فريقه في البيت الابيض .

لا يوجد يقين في آلية تحرك ادارة الرئيس الامريكي المنتخب ؟ وما هي الاولويات في سياستها الخارجية ؟ وهل ان العراق في هذه الأولويات ام لا ؟ .

العراق كان احد الملفات المهمة الغائبة عن سباق الانتخابات الرئاسية الامريكية على عكس الانتخابات السابقة التي كان حاضراً فيها منذ العام 2003 باعتباره الملف المهم للولايات المتحدة ، والذي عكسه التواجد الكثيف للدبلوماسيين الامريكيين في السفارة الامريكية ببغداد ، التي اعتبرت اكبر سفارة من بين سفارات امريكا المنتشرة في أرجاء المعمورة .

ربما يُشار الى وجود ملفات اكثر حساسية للادارة الامريكية الجديدة في الشرق الاوسط من الملف العراقي ، كالاتفاق النووي الايراني ، والملف «الاسرائيلي» بمحدداته وتطوراته الجديدة ؛ لكن الواقع ان الملف العراقي ليس بعيداً بأي حال من الاحوال عن بقية الملفات ؛ لأن تداعيات هذه الملفات تنعكس بشكل أو بآخر على الاوضاع والتطورات السياسية والاقتصادية والأمنية . يجب أن نتذكر ان الرئيس ترامب عندما قرر الانسحاب من منطقة الشرق الاوسط ورفع شعار «أمريكا أولاً» فإنه فتح قناة لـ«اسرائيل» ليكون لها اليد الطولى في معالجة ملفات الشرق الاوسط على المقاسات «الاسرائيلية» ؛ والعراق ليس مستثنى من هذه السياسة ؛ لكن تعقيد الوضع السياسي والأمني والاقتصادي في العراق ربما أبعده بعض الشيء عن الفعل «الاسرائيلي» المباشر والضغوط التي مارسها وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو ومستشار الرئيس جاريد كوشنر بالاتجاهين الايراني و«الاسرائيلي» .

المصادر الامريكية تتحدث عن نهج جديد تحاول ادارة الرئيس الامريكي المنتخب إعادة «هيكلة للسياسة الامريكية في العراق» عبر تفضيل الحلول السياسية على الحلول العسكرية والتعامل مع الحالة العراقية باستقلال جزئي عن الحالة الايرانية .

من الصعب تصور استبعاد العراق من السياسات الامريكية في ظل العوامل الجيوسياسية والجيوستراتيجية و منح هذه المسؤولية لأطراف اخرى ، سواء إقليمية أو أجنبية . ربما مرّ العراق بظروف خاصة في عهد الرئيس ترامب ، لكن المعلومات المسرّبة من واشنطن تتحدث عن عدم رغبة أدارة الرئيس بايدن الاستمرار في ذات السياسة التي سارت عليه ادارة الرئيس ترامب سواء في العراق او المنطقة .

الرئيس الامريكي المنتخب جو بايدن زار العراق خلال الفترة 2010 – 2012 ؛ 24 مرة و التقى معظم الزعماء والمسؤوليين العراقيين ، وبذلك فهو يملك تصوراً واضحاً عن الاوضاع والتطورات في العراق ؛ مع العلم إنه صاحب المشروع الذي طرحه عام 2006 بتقسيم العراق الى ثلاث أقاليم الى جانب اقليم العاصمة بغداد .

دبلوماسي أوروبي تحدث عن مآلات الفعل السياسي الامريكي في عهد الرئيس المنتخب جو بايدن بشأن العراق استناداً الى متبنيات الفريق المنتخب للرئيس الامريكي بما في ذلك وزير الخارجية انتوني بلينكن ؛ ومستشاره للأمن القومي جايك سوليفان .

الدبلوماسي الاوروبي يعتقد أن الاثنين بلينكن و سوليفان ، يعلمان جيداً بأن معضلة الأمن والارهاب لازالت تنخر في الجسم العراقي ، ومن الضروري العمل على إنهاء هذا الملف وتعزيز قدرة الحكومة العراقية من أجل بسط نفوذها وسيطرتها على كافة مناطق البلاد .

ويرى هذا الدبلوماسي الذي خدم في واشنطن ويعتبر من المهتمين في سياسة امريكا في المنطقة ، ان الادارة الامريكية المنتخبة تسعى الى فصل الملفين الايراني و العراقي ؛ وبالتالي فهي لا تريد ربط الملف العراقي بتطورات الملف الايراني ، مع اعتقادها ان حل الملف الايراني سيساهم كثيراً في تعزيز الامن والاستقرار ليس في العراق فحسب وإنما في عديد المناطق بالشرق الاوسط . وهذا بدوره سيؤدي الى إعادة صياغة القوات العراقية بما في ذلك الحشد الشعبي الذي اصبح تحت قيادة الحكومة العراقية بقرار من مجلس النواب . لكن الدبلوماسي الاوروبي يرى ان فوز الرئيس بايدن قد يُسبّب انقساماً داخل المجتمع العراقي بسبب تخوف بعض الاوساط العراقية من مغبة تحسين العلاقات الايرانية الامريكية ، وانعكاس ذلك على التطورات في العراق ، قد لا يخدم مصالح هذه الاوساط .

و ختم الدبلوماسي الاوروبي الاعتقاد ان ادارة الرئيس بايدن ستسعى الى صياغة نهج جديد للولايات المتحدة في العراق ؛ يستند الى تصورات كان يحملها الرئيس بايدن مذ كان في ادارة الرئيس السابق باراك اوباما ، مع الأخذ بنظر الاعتبار الاولويات السياسية والاقتصادية والعسكرية الامريكية ، دون استبعاد الواقعية السياسية العراقية والتي تختلف عن تلك التي كانت في عهد الرئيس باراك اوباما .

U2saleh@gmail.com

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك