قاسم الغراوي||
فكرة نظرية الصدمة الأساسية تقول: إذا أردت أن تجعل الطرف الآخر ملكاً لك، ولأفكارك وقراراتك ؛ فعليك أن تلغي الإحساس بالحاضر، ولكي تفعل ذلك، عليك أن تخضعه لصدمة كبيرة، تعطل بها جميع الحواس، ليعجز عن فهم ما يدور حوله وإدراكه، كما لو كان غائباً عن وعيه، لتمسح بها الإنسان القديم، وترجعه صفحة بيضاء؛ حتى تكتب عليها ما تريد، عندها تجعله مستسلماً موافقاً لكل ما تلقنه من أفكار .
ميلتون فريدمان، طبق نظرية الصدمة بشكل أوسع على شعب كامل؛ كي يسمحوا للشركات العالمية العابرة القارات بأن تتحكم في اقتصاد دولتهم، وكان أول بلد جرى تطبيق النظرية عليه هو تشيلي! وبدأ الأمر بتدبير انقلاب عسكري فيها، تمهيداً للصدمة، حيث ارتفعت الأسعار والبطالة، وانتشرت أعمال الشغب، وأُصيب الناس بالشلل في التفكير، فلم يعودوا يفهمون ماذا يجري، وكيف الخلاص! وعند اكتمال تأثير الصدمة، تم عرض الحلول المستهدفة لاخراج البلد من الكارثة، وذلك بأن تتحول تشيلي إلى اقتصاد السوق الحرة، لتسوده الشركات العالمية، ومعها قبلت تشيلي ذلك؛ شعبا وحكومة! ولم تكن تشيلي إلا الحلقة الأولى في مسلسل نظرية الصدمة، حيث طبقت هذه النظرية بعدها على عدة بلدان، شرقاً وغرباً .
ولكونه صعب المراس فالشعب العراقي مستهدف من خلال الصدمة دوليآ لتغيير مواقفه وقناعاته ومحاولة محاربته في لقمة عيشه رغم أن الحكومات فيه جاءت بالديمقراطية أو بالتوافق فالذي يحصل له أبعاد خارجية لها اسقاطات على الواقع العراقي غدا وبعد غد ومااقر اخيرا من الحكومة العراقية هي شروط للبنك الدولي لمعالجة الأزمة الاقتصادية مقابل الاقتراض وهذا ما نوهت عنه الورقة البيضاء وحينما يزداد الاقتراض يعلو سقف مطالب البنك الدولي يبدأ بشرط طلب تقليل الرواتب إلى زيادة أسعار المحروقات مرورا بالضرائب وتدخلا في فرض سياسة اقتصادية وهي اقتصاد السوق الحر .
والسوق الحر (بالإنجليزية: Free market) نظامًا تُنظّم فيه أسعار السلع والبضائع ذاتيًا بواسطة السوق المفتوحة والمستهلكين أيضًا. ولا يحتوي السوق الحر على قوانين العرض والطلب ولن يكون هناك أي تدخل من جانب حكومة أو سلطة أخرى، وتخلو من جميع أشكال الحصانة الاقتصادية .
قد تكون الأزمة خانقة وتتحملها السياسات الاقتصادية الخاطئة للحكومات السابقة والحكومة الحالية ومع ازدياد سعر برميل النفط ، لكن بالإمكان اللجوء لخيارات أخرى وبدائل تقلل من الضغط على المواطن وهي كثيرة أكد عليها الخبراء والمختصين أبرزها تعظيم الموارد وضغط النفقات واسترجاع الأموال المنهوبة وجباية الضرائب ،واسترداد ديون الهاتف النقال، وكشف ملفات الفساد وتقديم رؤوس الفساد للقضاء والسيطرة على المنافذ الحدودية فالمواطن العراقي لن يبقى مشروع تضحية وللابد .
https://telegram.me/buratha