عامر جاسم العيداني ||
منذ التغيير عام ٢٠٠٣ والاقتصاد العراقي يسير على خط بياني منحدر رغم ارتفاع أسعار النفط الذي وصل سعر البرميل لعدد من السنوات الى ما بين ٧٠ - ١٠٠ دولار ، ولم تعمل كل الحكومات على تطوير وتحسين الاقتصاد زراعيا وصناعيا ، ولم تشغل المصانع المتوقفة ولم تدعم القطاع الخاص الزراعي والصناعي ، والتدهور الامني تسبب بهجرة كبار رجال الأعمال مع رؤوس أموالهم ليستثمروها بالدول المجاورة .
وبقي الاقتصاد العراقي ريعيا طيلة سبعة عشر عاما معتمدا على النفط بالاضافة الى انفلات التجارة بدون ضوابط لغاية اليوم حيث يستورد التاجر ما يشاء ومن أية دولة وتركيزه على السلع ذات المواصفات الرديئة التي استنزفت جيوب المواطنين .
ان إهمال كل الحكومات المتعاقبة للاقتصاد العراقي الذي ادى الى انهياره بشكل لم يسبق له تاريخيا رغم ثروته الهائلة وهو من نتاج سياسة المحاصصة الحزبية والتوافق السياسي في ادارة الدولة وتقاسم المغانم التي أدت الى نهب ثروة البلد ودخلت جيوب الفاسدين من خلال اللجان الاقتصادية حيث افرغت كل ميزانيات الدولة على مدى سبعة عشر عاما ، ونتيجة لهذه السياسات انتفض الشعب في تظاهرات عارمة في تشرين من عام ٢٠١٩ مطالبة بالتغيير فسقطت حكومة عادل عبدالمهدي واستبدل بشخصية جديدة غير معروفة على الساحة السياسية رجل المخابرات الصدفة لرئاسة مجلس الوزراء والذي حاول تصحيح حال الاقتصاد بورقة بيضاء الذي تدهور بسبب انخفاض أسعار النفط ، فقام بتعويم الدينار العراقي وخفض قيمته امام الدولار لغرض الحصول على التمويل لتغطية عجز الموازنة التي كان تمويلها من واردات النفط بنسبة ٩٠% ، مما ادى الى خفض القدرة الشرائية للمواطن وزيادة نسبة الفقر ، وماهي الا عقوبة للشعب لاعادة الأموال التي نهبتها الاحزاب منه .
ومن الملاحظ ان الاحزاب المتحاصصة لم تعير اهتماما لما يحصل وهمها الوحيد هو كيفية البقاء في السلطة ، ونأت بنفسها بعيدا عما يحدث ولم نرى سوى صيحات من نواب اصواتهم غير مؤثرة لصغر كتلهم وضعفها امام الاحزاب والكتل الكبيرة التي لم يصدر منها اي صوت مؤثر سوى تصريحات بسيطة لا قيمة لها ، ولم يحاولوا طلب انعقاد جلسة برلمانية لمناقشة سلوك الحكومة وايقاف تصرفاتها التي أثرت على لقمة عيش المواطن .
ومن ناحية اخرى لم نرى الذين اقاموا الدنيا واقعدوها في تظاهراتهم التي اسقطت حكومة عبدالمهدي اي صوت في الدفاع عن حقوق الشعب من سلطة تنفذ اجندة البنك الدولي في ابتلاع رواتب الموظفين والمتقاعدين بشكل غير مباشر.
ان الاجراءات الاقتصادية الحكومية لمعالجة العجز في الموازنة العامة لم تكن واقعية ، وكان عليها ان تبحث عن وسائل افضل لا تؤثر بشكل كبير على قدرة المواطن الشرائية من خلال خفض النفقات وخفض رواتب الدرجات العليا وقطع الرواتب المزدوجة واالتدقيق في رواتب جميع الموظفين واخراج الفضائيين منها وتدقيق رواتب موظفي اقليم كوردستان والسيطرة على المنافذ الحدودية للاقليم وتصدير نفطه ليكون جزءا من عملية الاصلاح الاقتصادي ، بالاضافة الى الاهتمام باعادة تشغيل مصانع الفوسفات وانتاج الكبريت اللذان توقفا منذ 17 عاما ليكون موردا اضافيا للاقتصاد الوطني ، وكذلك دعم القطاع الخاص في الاستثمار بالاضافة الى تعديل قانون الاستثمار ليكون جاذبا للاستثمارات الاجنبية واصدار القوانين المشجعة له .
ــــــ
https://telegram.me/buratha