منهل عبد الأمير المرشدي ||
لم يشهد العراق سابقا مثل ما هو اليوم من خلط في الأوراق وذر للرماد في العيون وضبابية في الموقف والرؤيا والفرز بعدما كثر وتسيّد اللون الرمادي فلم يعد الأبيض ابيضا صاف ولا الأسود أسودا قاتم .
نعم لم نعد نستغرب او نتعجب او نستعجب حين نكتشف إن اللص الحقيقي واللص الأكبر هو نفسه من كان صوته اعلى الأصوات في الوطنية والشرف ومصلحة البلاد والعباد . تماما كما حصل لتلك المرأة الفرنسية التي جلس بجانبها في القطار المتجه الى لندن رجل انكليزي بالصدفة.
كان التوتر ظاهرا على وجه المرأة الفرنسية فسألها الانكليزي: لم أنتي قلقة؟ قالت له أحمل معي دولارات فوق المصرح به وهي 10,000 دولار.
فقال الانكليزي: اقسميها بيننا فاذا قبضوا عليك الشرطة الفرنسية او قبضوا علي نجوت بالنصف واكتبي لي عنوانك لأعيدها لك عند وصولنا لندن فعلت الفرنسية وأعطته عنوانها . عند التفتيش كانت الفرنسية تقف أمام الانكليزي عند الشرطة ومرت بدون اي مشاكل .
صاح الانكليزي ياحضرة الضابط تلك المرأة تحمل عشرة الاف دولار نصفها عندي والنصف الآخر معها وانا لا أخون وطني فقد تعاونت معها لأثبت لكم حبي لبريطانيا العظمى!!.
فعلا اعادوا تفتيشها مرة أخرى ووجدوا المبلغ وصادروه وتحدث الضابط عن الوطنية وعن ضرر التهريب على الاقتصاد الوطني وشكروا الرجل الانكليزي كثيرا لوطنيته ونزاهته وشرفه وعبر القطار لبريطانيا..
بعد يومين فوجئت المرأة الفرنسية بالرجل الانكليزي نفسه عند باب بيتها فقالت له بغضب : يا لوقاحتك وجرأتك مالذي تريد الآن؟ابتسم بوجهها وناولها ظرف به 15,000 دولار وقال ببرود هذه أموالك مع المكافأة فاستغربت من أمره وتعجبت فقال لا تتعجبي ياسيدتي فقد أردت إلهاء الشرطة عن شنطتي التي بها ثلاثة ملايين دولار فكنت مضطرا لهذه الحيلة ولله الحمد فقد نجحت حيلتي ولم يشكوّا بي فشكروني وأثتنوا على وطنيتي وشرفي ولم يفتشوا شنطني. نعم هذا هو حال الواقع الذي نعيشه اليوم لدينا بالتمام والكمال والجميع جربناهم ولن نعيد تجربتهم .
لذلك عندما جائت (أم سجاد) التي مات زوجها في حرب الدفاع ضد الدواعش على ثرى الموصل ولها منه طفلين تربيّهم بالدموع والحسرة والفقر والألم والإنتظار وفي بيت لا يصلح للسكن البشري هناك في ما يسمى بالعشوائيات ولا احد يطرق بابها ولا مسؤول يتذكرها كما هم الاف العوائل من ذوي الضحايا والشهداء .
حضرت الى بيتي والحزن يؤطر عينيها والمأساة تحتويها لتسألني هل هناك فعلا إنتخابات ستأتي في العراق وإذا حصلت انتخابات فمن تنصحني ان انتخب !! ولمن أصوت ..
قلت لها هل تعرفي أحدا من الذين سيرشحون انفسهم قالت لا أعرف أحداً منهم لكني أريد ان أصوت لمن يوفر لي لقمة خبز وكرامة أنا وأطفالي ويقتص لي ممن قتلوا زوجي ثم بكت ناحبة بأسى وألم .
شاركتها دموع عينيها بدموع عيني وقلت لها حسبك وحسبنا الله يا أم سجاد وانصحك كما أنصح نفسي . ضعي البطاقة فارغة .
ــــــ
https://telegram.me/buratha