الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي ||
في خضمِ الفتن المتلاحقة تتجدد الاحتمالات وتتداخل بشكل قد لا يستوعبها سياسيوا الصدفة فضلا عن الكثير من العامة الذين يتفننون في التكهنات والمبررات التي تصب في مصلحة الجهات المسؤولة عن اثارة تلك الازمات؛ لتختلط الاوراق على الجميع فلا يتبيَّن المصلح من المفسد فيسود فوضى التجاذبات اللامنطقية وقد يجر العباد والبلاد إلى حيث التشققات الكبيرة التي لا تندمل فينقسم الواقع بين تيارات وأحزاب على أساس اللاوعي ليتربع في النهاية شيطان الفتن وكأنه المنقذ للسفهاء والبلهاء الذين اختلط عليهم الأمر فأصيبوا بالعمى وعيونهم مفتحة؛ لكنها لا ترى الحقيقة.
أن المشهد العراقي اليوم انقسم على نفسه خاصة بعد الاستهدافات الأخيرة التي تبرأ منها عموم الفصائل العراقية العاملة في محور المقاومة وفي الجبهات المختلفة, فوقف البعض موقف الباكي على السفارة وأبنائها ولا يحاول حتى مجرد وجود احتمالات أخرى غير المقاومين في ضرب سفارة ابليس اللعينة, وبذلك لا يفكِّر إلا بإلقاء اللوم على المؤسسة التي كانت ولا تزال تعمل من أجل استقلال العراق وتحريره من كيد الشيطان الأكبر الذي كشف عن أنيابه بالهجمات المختلفة, فتارة على صورة الدولة اللا اسلامية وأخرى على صورة داعش اللعينة حتى فتكت الاعراض وقتلت الصغير والكبير ولم تفكر إلا في إثارة الرعب والفوضي خدمة لسيدة الملعب المتستر بقناع الحرب ضدَّها.
أن الحكمة تقتضي البحث والانفتاح على الاحتمالات الكثيرة التي من شأنها أن تتوصل إلى المتسبب في أثارة الفوضى في المشهد العراقي, وكشف الحقيقة يستلزم عرض جميع الاحتمالات ودراستها, ومعرفة الجهة التي يمكن أن تستفيد من هذه الفتن, فكما هو معلوم أن الجانب العراقي ليس له مصلحة في الفوضى وإثارة المشاكل التي من شأنها أن تعزز وجود المحتل أو تعمل على ذلك بافتعال الاعذار التي يمكن أن تتذرع بها سفارة الشيطان لإطالة أمد بقائها, وليس من مصلحة إيران أيضاً الان افتعال المشاكل في الساحة العراقية ليكون مبررا أمام ترامب المتشبث بالسلطة والذي يحاول افتعال الازمات ليعلن حالة الطوارئ في أمريكا فيبقى أطول فترة في إدارة الحكومة الامريكية.
إن خسارة ترامب غير المتوقعة بالنسبة له يمكن أن يدفعه إلى أن يثير الكثير من الفتن والبلايا على المستوى الاقليمي والدولي؛ والمتابع لسياسته بعد خسارته يجد أنه يعمل بكثير من اللاوعي ولا يهمه سوى افتعال الازمات التي قد تصب في خدمته, ولمّا كان الملف الايراني مهما بالنسبة لترامب فقد يسوقه غباءه إلى افتعال الموجبات من أجل الصدام المحتمل الذي يبحث عنه ترامب بعد أن فقد كل شيء فلم يعُد يهمه أن يخسر كل شيء.
ومن المناسب أن ندرك أن مسيرة الاحداث كشفت عن أن الجهة المعنية بالاستفادة في خلق الفتن وإثارة الازمات خاصة في العراق هي أمريكا؛ لذلك لا نستبعد احتمالية قصفها لسفارتها؛ لتتذرع بذلك من أجل استهداف الفصائل العراقية المختلفة سيما فصائل الحشد المقاومة لها, أو تتذرع بذلك لافتعال أزمة جديدة تؤثر على السلم المجتمعي على مستوى المنطقة فيزيد من حدَّة التوترات وقد يصل الامر إلى المواجهة بين المحاور المختلفة, فعلى هذا ليس من الصحيح أن نتصور بأن الصراع بين ايران وأمريكا هو البلاء؛ بل البلاء الحقيقي هو احتلال أمريكا للعراق ومحاصرتها لمحور المقاومة وخلقها للأزمات الكثيرة من أجل ترسيخ مفاهيم مغلوطة في أذهان السفهاء فيقوموا بالتبرير لكل حماقاتها على أساس التغذية الثقافية الخبيثة المدسوسة والمعسولة بأصباغ اللاوعي.
ـــــــ
https://telegram.me/buratha