الشيخ خيرالدين الهادي الشبكي||
دارات الأيام لتقف على أعتاب ليلة الذكرى بكل ما تحملها من الألم واللوعة في قلوب أبناء العراق الشرفاء وشركائهم من أهل المصيبة؛ بل على قلوب أبناء محور المقاومة بشكل عام, فجميع الاحرار استشعروا الفراغ الذي تركه مهندس النصر برحيله نحو مركب الشهادة؛ لينهي مسيرة من الجهاد طالت السنوات بين الجبال والاهوار, لا يحدُّه جغرافية وطن صنعه أعداء الاسلام, في محاولة لتمزيق جسد الايمان وتفريق المؤمنين على أساس الدويلات؛ ليسهل عليهم التسلط عليهم وكسر شوكتهم بتحديد قوتهم, فتفاجؤوا بأن أبناء محور المقاومة يهندسون الخنادق في كل بقعة استلزم وجودهم سواء في العراق أم في سوريا أم في فلسطين والبقاع والجولان.ِِ
لقد رحل عنا بتلك الشيبة الأنيقة التي رسمت بنظراتها صورة للشجاعة والهيبة في مختلف الجبهات ووحّدت قلوب أبناء الحشد المقدس على ضرورة التمسك بالمبادئ, فقد كان للمهندس رحمه الله تعالى قدرة على توزيع الرعاية الأبوية على مختلف فصائل الحشد المقدس, فكان الجميع يشعر بذلك؛ لذلك كان فقده كبيراً وقد لا نجد من يمكنه أن ينسينا صورته التي حفظها الصغار والكبار على حدٍّ سواء؛ فأصبح الجميع على موعد للثأر له وكل بحسبه, فالأقلام الحرة لن تتصور أن هناك محطة للوقوف عن الكتابة فيه وفي مآثره الكثيرة, والجنود في مختلف الجبهات السياسية وجبهات مواجهة الاعداء يستلهمون دروساً من أيامه ليزيدوا بذلك اصرارا وعزيمة نحو المزيد من العطاء من أجل النصر او الشهادة .
إن مسيرة العشق للشهادة ظهرت في سيرة الاولياء بعد أن حبب الله تعالى ذلك إليهم, فكانوا لها أهلاً ولم يتأخروا عن الاستجابة مهما كلفهم الأمر, ولم يكن مهندس النصر إلا مصداقاً حقيقيا لأولياء الله تعالى, زاهداً عن دنيا معاوية ليلتحق بركب أمير المؤمنين عليه السلام بصدرٍ رحب لا يثلجه إلا زينة الانتصار او نبراس الشهادة كما كان الأولياء في مسيرتهم, فترك من بعده منظومة متكاملة من مشاريع الرجولة والوفاء لا يأخذهم في الله لومة لائم, فهم قد تخرجوا من مدرسة المرجعية التي صدحت بأقوالها فهبت الجماهير المؤمنة لتزيِّن الجبهات بالوجوه النيرة التي نجحت في اختبار الولاء لله والوطن, ووقفت بكل جرأة أمام المدِّ الظالم لأعوان الشيطان فحفظوا هيبة المقدسات ودافعوا عن العرض والوطن حتى أصبحوا معرضاً للأمثال يمكن أن نتباهى بهم بين الامم المختلفة.
إن على الامهات المؤمنات ان ينشرن حب المهندس في مشرب أطفالهن ليكبروا على الشجاعة والولاء؛ وليكونوا مشاريع لمحور المقاومة ما دام هناك محور الشر الذي يقوده الشيطان الأكبر, ومن المناسب أن نذكر أن الثأر للمهندس وضيفه قد لا يتحقق بالصورة المطلوبة الآن, ولكن هذا الدَينُ سوف يلازم الشرفاء من أبناء محور المقاومة ولو بعد حين, وعلى الجميع ممن يثق بالمقاومين أن يدرك أن الرد الحاسم لم يكن في الضربة الكبيرة في عين الاسد؛ بل سيكون الرد بالشكل الذي يناسب مقام الشهداء, وعلى قدر الجرح الذي تحمَّله الشرفاء, وفاءً للمهندس والشهداء الذين كانوا بحق ألم الذكرى وأشعلوا هذه الأيام بذكرى الألم.
https://telegram.me/buratha