محمد هاشم الحجامي||
الأمم تكتب تاريخها بطرق تقليدية كالكتاب وهو مازال الأهم أو طرق تناسب التطور العلمي ، ووسائل الاتصال المعرفي فنجد الدراما والمسرح واللوحة وغيرها .
ومما شاع عند الأمم كسجل حافل لتوثق تاريخها هو الرواية الأدبية .
هذا الفن شاع حديثا في الغرب وانتقل إلى العرب مع مطلع القرن العشرين وقد كتبت أول رواية عربية هي رواية زينب لمحمد حسين هيكل ثم توالت بعدها المحاولات وصولا لنجيب محفوظ وهو الأكثر ابداعا في حين محاولات من سبقوه أو جاؤوا بعده كلها محاولات خجولة قياسا بما أنتجه الروس والألمان .
وقد كانت الرواية مجالاً رحباً لهموم وآهات وتطلعات الأمم وصحيفة كبيرة لأحزانها وصيحاتها ومراثيها وقد صورت الرواية العالمية موضوعات شتى ومما صورته هو الحروب وأحداثها باسقاطاتها الاجتماعية ومعانات الأفراد بسببها ؛ فهناك نموذجين أحدهما غربي والآخر شرقي نقف عندهما سجَّلا أحداثا اجتماعية ، ووثقا للحروب :
الرواية الأولى هي رواية (الساعة والخامسة والعشرون) التي وثقت للحرب العالمية الثانية ببعدها الاجتماعي ومعاناة شعوب أوربا وهي تنقل القارئ ليعيش الحرب بأهوالها ، وأحزانها فبطلها يوهان يسجن من قبل النازيين بسبب إسمه الذي يتسمى به اليهود ثم يعتقل من قبل الشيوعيين بتهمة النازية !!!! وهي ترسم صورة لمعاناة الإنسان الأوروبي .
وألرواية الثانية :- هي رواية عداء الطائرة الورقية لخالد حسيني حيث تناول الكاتب الفترة الأخيرة من الحكم الملكي وصولا إلى غزو الاتحاد السوفيتي لافغانستان وخروجه ثم صعود طالبان حيث صورت مأساة شعب وبثت الأمل فيه بذات الوقت .
والسؤال اين كتابنا !! لماذا لم ينتجوا عملا شبيها بعمل خالد حسيني وهو من بلد مازال ينظر إليه كثير من مدعي الثقافة العراقية أقل عطاء منا واذا به يفوقنا توثيقا ، وتأليفا فأذهل القراء ، والمتابعين .
هل الابداع عندنا ( ضجيج منتديات ) لأننا لم نجد رواية تعكس حجم الألم ، وتراكم الاوجاع عند العراقيين ؛ رغم أنَّ كلَّ عراقي رواية لا تقف عند تأريخ ستين أو سبعين سنة من حياته إنما هو امتداد لروايتي أمه وأبيه .
فالضرائب الباهضة في نهاية العهد العثماني وبداية الملكية وصولا لحكم البعث الذي أوجع ملايين العراقيين بقتل أبنائهم بحروبه العبثية أو اعداماته أو جوعه أو تكميم الأفواه أو تجفيف الاهوار أو هدم المدن أو الإعدام علنا بالساحات أو التهجير القسري أو جرف النخيل ، والبساتين حتى الطيور التي كانت تمر بالعراق برحلتها بين روسيا وأفريقيا توقفت ، وما عدونا نراها والتي كانت تملأ اسلاك الكهرباء ، والمرتفعات ، وتتحرك بأسراب كأن السماء تغيرت زرقتها إلى السواد .
فسكان الهور وحدهم سجل لألف رواية ، ومجموعة قصصية ؛ رغم كل تلك الاوجاع لم نجد عملا أدبيا ، واحداً يوثق ويقدم للقارئ مادة أدبية ترسم لوحة أدبية لتلك الأحداث .
هناك محاولات لكنها موجهة غفلت حكم البعث ، وكتبت بنفس خليجي طائفي معادي للتجربة الحديثة في العراق اعطيت اكبر من حجمها ، وهناك أخرى تناولت فترة البعث لكنها غير مؤثرة لضعف السبك ، واللغة ، والشخوص ، والأحداث ، واختيار الموضوع لدى كُتَّابها .
https://telegram.me/buratha