المقالات

ابكيكم ايها الفقراء


 

محمود الهاشمي ||

 

سوق (الملابس القديمة) في جميع دول العالم ،رواده من الفقراء ،ولاسباب معلومة ،كما ان باعته يشبهون زبائنه ،والافقر منهم اولئك الذين يحملون الملابس القديمة ويتجولون بها علّهم  يعثرون على زبون مناسب !

هؤلاء جميعا ليسوا طرفا في اي مشكلة سياسية ولا امنية ولا اجتماعية وبالكاد يوفرون لقمة عيشهم ولكل منهم قصة وحكاية دفعته لهذا العمل المضني .

الداخل الى هذا العالم سيتعرف على شخصيات كبار في السن يحملون ذكريات المكان والاسماء والتواريخ ،ومعهم احفاد وابناء من حولهم يمتهنون ذات العمل اما في ازقة ضيقة او في الفضاءات القريبة فيما اصواتهم تملأ مساحة المكان وتزاحم صخب المدينة ،ولا تحتاج كثيرا للتفاهم معهم فاسعارهم معلنة جهاراً،وبضاعتهم معلقة امامك ولك ان تتفحصها  لساعات ،

فتساءلت عن سر استهدافهم بتفجيرات الخميس الدامي بمركز بغداد (الباب الشرقي) ،

فليس لهم من خصم وهم يجلسون في قاع الحياة وراضون بالاقل من المعيشة ،وحين يموتون فلا نائحة عليهم سوى امهاتهم واخواتهم ! حتى انهم يوم امس حين سقط جرحاهم وشهداؤهم امامهم لم يكلفوا الدولة بشيء فقد كفنونم وضمدوهم بالالبسة القديمة وحملوهم بعجلة الفقراء (الستوتة)!

وكثير منهم عاد الى عمله مباشرة بعد الحادث

وعيونه محمرة من البكاء .

الشخص الانتحاري استغل مروءتهم وقيمهم الرفيعة ،حيث ما ان توسط اسواقهم ادعى انه مريض وهوى الى الارض فاندفعوا اليه لمساعدته فرد كرمهم بتفجير نفسه عليهم وقتلهم !! الانتحاري الاخر ،استفاد من مروءتهم ايضا حين لم يهربوا من واقعة التفجير كما يفعل كثيرون من سياسيين واغنياء ومترفين ،

وتناخوا لحمل الشهداء والجرحى ليدور من حولهم وكأنه طالب ثأرٍ ويفجر نفسه عليهم !

وهنا توقفت عند طبيعة الشخصين الانتحاريين

حيث يبدو ان كلاهما في مخطط واحد ،فالاول يدعي المرض والثاني يفجر المسعفين! اذن كلاهما يعلم باخلاق باعة وزبائن  (سوق الملابس القديمة ) واعدوا الخطة وفق ذلك !

السؤال هنا ؛-لماذا فجر الانتحاريين انفسهما على هؤلاء المساكين ؟ هذا السر انا اجهله تماما ،فالكل يعلم ان الانسان حريص على حياته ،ويبذل الغالي والثمين من اجل صحته وديمومة عمره ،فما دعا هذان الشخصان ان يفرطا بهذه الروح (العزيزة) ؟

لا اريد جوابا من اولئك الذين خططوا للعملية فهؤلاء لهم اجنداتهم واراؤهم وسبل صراعهم ،ولكن تركيزي على الشخصيتين ،فلابد ان هناك (عقيدة ) امنوا بها ترى ماهذه العقيدة ،التي اختارت هذه الثلة من الفقراء لقتلهم ؟ فلو كان الامر طائفيا فان المكان ترتاده جميع الطوائف والاعراق !وليس بسياسي ولا اجتماعي (ولا ولا ولا)اذن على ماذا ضحا هذان الشخصان بحياتهما ؟

قد يقول البعض ان الانتحاريين تحت تأثير المخدر ،وهذا مردود لان الاول طبق  المسرحية بحذافيرها بادعاء المرض والثاني تفحص الجمع ودار حولهم ثم فجر نفسه !!

هذان الانتحاريان ليسا حالة شاذة بل سبقهم الى هذا الميدان الالاف ،ويكفي ان السعودية لوحدها ارسلت الى بلد واحد هو العراق (خمسة الاف انتحاري) فما حصص الدول الاخرى ؟وهذا يتمدد على دول كثيرة !

هل حقا لدى خصوم الامة هذه السطوة على ارواح الناس بحيث يحزمونهم بادوات الموت ثم يرسلونهم الى اي مكان يبتغون وكأنهم (طائرة مسيرة)؟

لا استطيع ان احصر نموذجي في جغرافيا معينة ،فقد هالني مقتل خمسة شباب من مهاجمي  مبنى الكونغرس الاميركي ،حيث ضحوا بحياتهم من اجل (ترامب) وسيستمر العالم يفخخ الاجساد ويقتل بعضه بعضا .

بكائي عليكم ايها الفقراء كثيرا ،فان غياب اصواتكم عن السوق يعني غياب نشيد البؤساء على الارض ،وغياب الدماء الزكية التي لم تلوثها مباهج الحياة وزورقها ،فالسلام عليكم وعلى طيب طباعكم وصبركم وانا لله وانا اليه راجعون

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك