المقالات

السؤال الحزين !!


 

عبدالزهرة الهنداوي ||

 

أظهرت دراسة لمعهد "غالوب" الامريكي أعدها مؤخرا، ان اكثر من ثلثي العراقيين، لايشعرون بالفرح، بل ان الحزن هو رفيقهم الدائم!. يقابلها ١٤٪؜ نسبة  الحزن في بلدان العالم الأخرى، وهكذا يبدو فعلا ان الحزن حط رحاله هنا في بلاد وادي الرافدين، منذ بدء التكوين، حتى اصبح علامة فارقة ، او سمة بارزة من سمات العراقيين، فقال احدهم متندرا، ان هذه العلامة الفارقة ينبغي ان تُثبّت في بطاقة الأحوال المدنية، او في جواز السفر ، فتكون فقرتها ، العلامات الفارقة : الحزن الدائم!..

غناؤنا حزين.. فآهات داخل حسن، وحسين نعمة، وفؤاد سالم، وقحطان العطار، وياس خضر، تكاد تقتلع القلب من بين أضلاعه، لكمية الحزن التي تختزنها..فرحنا موشى بالحزن.. نخشى   الضحكة، فقد تكون نذير شؤم!!،

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بحزن شديد، هو ، هل اختار العراقيون الحزن، رفيقا لهم، لانهم يعشقون الحزن؟، وهل ثمة إنسان في الكون يرغب في  ان يكون في حزن دائم؟ ام ان الحزن هو الذي اختار مقر إقامته الدائمة  بيننا، معززا مكرما، بعد ان وجد الأرض الخصبة لنموه؟! .. ولعله كان محقا في هذا الاختيار..فعلى مدى قرون من الزمان، كان الألم الموجع يمهر الحياة عندنا، احتلالات، وغزوات ومذابح .. انقلابات، ومؤامرات، ومقابر، أمراض، وفقر وأمية، جمعات دامية، تتبعها اسبات، وآحاد حزينة، وكذلك الاثنين والثلاثاء والأربعاء، ويختمها الخميس الدامي، الذي سجل اسمه في تاريخ الألم العراقي، اذ  حل فيه الموت ضيفا ثقيلا في حفلة ممهورة بالدم القاني، سال من  نحور شباب، استقبلوا خميسهم، بأحلام، ربما تشبه حلم  عصفور صغير، يمني نفسه الظفر بحبة قمح، يلتقطها ليعود بها إلى افراخه..، خرج أولئك الشباب إلى (سوگ الهرج) في الباب الشرقي، هذا يبيع الشاي، وآخر يبيع اللبلبي، وثالث يبيع ملابس الـ "بالة ٤ بألف".. الخ.. ليحصلوا على ١٠ الاف دينار في نهاية يوم طويل وشاق، يسكتون فيه انين بطونهم، بـ"لفة فلافل"، ثم يعودون مساء إلى امهاتهم وأطفالهم، حاملين "علاگة" صغيرة فيها متطلبات "الجدر"!! بحدها الادنى..

في يوم الخميس الدامي، لم يعد أولئك الشباب حاملين  اكياسهم، التي تبث البهجة والفرحة في ارجاء البيت المتواضع، إنما عادوا ، محمولين هم وأحلامهم، في اكياس!، بعد ان تطايرت اشلاؤهم لتختلط مع  "بسطياتهم" ، ..وكأنهم يوقعون عهدا دائميا مع الحزن،..عادوا اشلاءً مطلقين بذلك حزنا سرمديا، يبقى ملازما امهاتهم الثكلاوات مدى الدهر..فمن أين تأتي السعادة، بعد ان اغلق الحزن كل الدروب، بوجهها؟!!.. سؤال حزين، لن يموت، لانه لن يصطدم بالإجابة التي ستقتله!!

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك