عمر ناصر *||
بتسارع الاحداث جعلت المعادلة السياسية طردية ويعني ذلك بتغيّر الزمن تتغير تعاملات العالم وتتبدل على اثر ذلك الكثير من المبادئ المتأصلة والموجودة في هيكلية واساسات الثقافة المجتمعية والتي لم تعد تتلائم وتتناسب مع الحداثة والتطور والانفتاح ، فأختلفت على اثرها مفاهيم ومتبنيات كانت تعد من الثوابت الصلبة والسامية والاصيلة فأصبحنا ندور في فلكها بين خيارين اما ان نقاوم هذا التغير المفاجئ او القبول به رغماً عنا ليذكرنا ذلك بالتعود على سلوكيات ذلك الاب المتسلط عندما يفرض الصمت نفسه لحظة دخوله الى المنزل وكأن على رؤوسهم الطير .
بهذا التغيير جعل الجميع ينصاع لسياسة الاستماع والانصات للوصول الى ما يفكر به الابناء حتى اكمال حديثهم لغرض الاستمتاع او الامتناع عن قبول رواياتهم المتعلقة باولويات احتياجاتهم الحياتية ، وهذه بلاشك نسخه مصغرة لواقع العلاقات بين المجتمعات والحكومات التي تعاني من الدكتاتوريات المفرطة والتي بحاجة الى لغة الحوار والانفتاح الكلي على الجميع لتجنب الصدام واراقة الدماء.
لم يكن حكام اليوم والمعارضين لسياسة حزب البعث لديهم الفرصة الفعلية والحقيقية انذاك للتعبير عن اولويات اهتماماتهم بسبب تعرضهم لسياسة الاقصاء التي تعرضوا لها والتي بدأت ملامحها اليوم تلوح في الافق وتخيم على الديموقراطيه الفتية ، والحق يقال ان من اهم اسباب انحراف جميع المطالب الشرعية للشعوب هو الاهمال السياسي المتعمد والعنجهية المفرطة في الاصرار على عدم الانصات لهم لتكون بعدها نهاية مأساوية بسبب الاندفاع العالي لطاقة الشباب وبسبب التهاون الحكومي في عدم الانصات لصوت العقل ، لان استخدام القمع ومحاولة شيطنة نواياهم واهدافهم خطأ استراتيجي فادح وبالغ الخطورة سيقلب الموازين قطعاً ليعيد الذاكرة الى سياسة الاقصاء التي عانوا منها سياسيي المعارضة في الفترات السابقة.
وباعتقادي ينبغي التوقف والتأمل قليلاً ماذا لو وصلنا لنقطة اللاعودة التي باتت طلائعها اليوم تقترب اكثر التي هي بمثابة المسمار الاخير الذي سيدق في نعش الديموقراطية والعملية السياسية برمتها بعد ان كافحت جميع قوى المعارضة من اجلها اثر تكسيرهم شرنقة الصمت والخوف الذي خيّمْ على ادق مفاصل وجزئيات ديمومتهم وبقائهم على قيد الحياة ورحلة اغتراب دامت اكثر من ٣٠ سنه .
* كاتب وباحث في الشأن السياسي
https://telegram.me/buratha