صبيح المرياني ||
أصبح نشر الوعي عن مخاطر فيروس كورونا وما يسببه من نتائج على المجتمع شغلا شاغلا للمؤسسات الصحية واغلب المؤسسات المعنية الأخرى ، سواء كانت أمنية او تربوية او تعليمية أو غيرها ، وهو أمر طبيعي ليس في العراق حسب ، بل في اغلب دول العالم ، والسبب هو خطورة هذا الفيروس الذي يطور نفسه بطريقة حيرت المختصين في المجال العلمي والصحي.
لكن ما يجب الالتفات إليه هو أن هناك خطرا آخر يهدد المجتمع ويسير بشكل متواز مع خطر فيروس كورونا ، بل إن هذا الخطر انتشر قبل انتشار الفيروس.
نعم هو خطر المخدرات والمؤثرات العقلية ، التي أصبحت تجارة مربحة لضعاف النفوس ، وهناك من يروج لها ، وهي تصل بسهولة لمن يتعاطاها ويدمن عليها ، وتقف خلف هذه الآفة أسباب عديدة مشابهة لخطر فيروس كورونا من جهة عدم الالتزام بالتعليمات الصحية.
ولكن هنا تكون الوقاية بشكل مختلف ، فهي أولا واخيرا مهمة الدولة ووعي المجتمع وقوة القانون في الحد من هذه الافة المدمرة ، وهنا لابد من التركيز على وضع المخدرات وانتشارها في العراق .
فالاحصائيات تؤكد تصدر نوعين من المواد والحبوب المخدرة قائمة التعاطي منه ، أولها ما يسمى بمادة ( الكريستال) المخدرة والتي دخلت البلاد بعد عام 2003 ومنافذ دخولها كانت عن طريق بعض الوافدين الاجانب والعمالة الاجنبية وكذلك من بعض ضعاف النفوس من التجار الذين يدخلونها عن طريق الموانئ مخبأة مع بضائعهم القادمة من الدول الاجنبية او دول الخليج العربي ، اما المادة التي تأتي ثانيا من حيث انتشارها وخطرها على الشباب ، فهي حبوب ( الكبتاكون) والتي تسمى بين متعاطيها في العراق ( صفر- واحد) ، وهذه الحبوب حسب الاحصائيات دخلت العراق مع دخول عصابات داعش الارهابية الى مدينة الموصل وكانت تجارتها مصدرا من مصادر تمويل هذه العصابات ، وقد انتشرت انتشارا خطيرا في المناطق التي سيطر عليها التنظيم الإرهابي.
وعلى الرغم من طرد عصابات داعش ودحرها من قبل القوات الامنية والعسكرية إلا أن تجارة (الكبتاكون ) آخذة بالتوسع في اغلب مناطق البلاد والدليل على ذلك الكميات التي يعلن عن ضبطها بين الحين والاخر من قبل مديريات مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية والأمن الوطني او جهاز المخابرات.
وهنا لابد من العودة الى صُلب الحديث حيث إن الاهتمام بنشر الوعي بخطر آفة المخدرات يجب أن يأخذ منحى لا يقل شأنا عن الاهتمام بخطر فيروس كورونا على المجتمع ، لأن الفايروس يهدد جيلا واحدا ، فيما تهدد المخدرات أجيالا قادمة.
والذي يهتم بإحصاء عدد الاصابات بهذا الفيروس عليه أن يتجه صوب المواقف والسجون ويحصي عدد المسجونين من المتاجرين والمروجين والمتعاطين للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية ليعرف حجم ما احذر منه ، فخطر انتشار هذه الآفة الخطيرة في المجتمع قد يفقدنا اغلب شبابنا الذين نعول عليهم في بناء المجتمع ودرء الخطر عنه.
*باحث واعلامي
https://telegram.me/buratha