قيس النجم ||
هدف الدين هو الإستقامة الأخلاقية، فجميع الأديان تدعو لعبودية للرب الواحد، والتعامل بمكارم الأخلاق، وهي تشترك في المبدأ، والهدف، والمصير، وإذا ما إلتزمنا بالمبادئ السامية، والأحكام التي جاء بها ديننا الحنيف، لكنا قد تقدمنا بقرون على بقية الأمم، التي إستلهمت حضارتها وتطورها، من خلال علوم العرب الأولى.
المسلمون أو المتأسلمون في عراقنا، من دون بقية أديان الدنيا كلها، جعلوا من التناحر، والفرقة، والفوضى عنواناً بارزاً لهم، وحولوا الإختلاف البسيط الى خلاف كبير، فالمشتركات بين الشيعة والسنة لا يمكن إحصاؤها، والخلافات قليلة، ولكن البسطاء أو السذج، يتحدثون بالخلافات ويتركون المشتركات.
تجار السياسة، وأصحاب السحت، والقتلة الطائفيون، هم الذين يتغذون على النعرات الطائفية، من أجل المحافظة على مكاسبهم ووجودهم، وبحجج زائفة حين يتلاعبون بعقول الناس، ليجعلوا من أنفسهم حماة الدين والمذهب، في الوقت الذي يكون فيه الدين بحاجة الى مَنْ يحميه منهم!
سؤال يدور في خاطر كل العراقيون، كيف يكون مَنْ يحكم شعباً كشعب العراق، المتعدد الأعراق، والمذاهب، والأديان، والطوائف؟ الجواب سهل جدا عليه أن يكون بعيداً عن الحزب، والطائفة، ليكون جامعاً للكلمة، وموحداً للصف، وصماماً لمواجهة التحديات والأزمات، ولكن هل صعب واستعصى على العراق، من ان يأتي برجل يحكم بضميره الانساني، وحسه العراقي؟
نحن بحاجة ماسة الى سياسي، يكون محارباً للأفكار الباطلة، والثقافات المنحرفة، والبدع الزائفة، ويمتلك القدرة على إقناع المقابل، بأن الدين الإسلامي خيمة تجمع العراقيين بكافة مذاهبهم، فالباري عز وجل يقول:(يا أيها الناس إنا خلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله اتقاكم) صدق الله العلي العظيم، لذا تحدثوا بالمشتركات، وإتركوا الخلافات، لكونها ستبيد شعباً بريئاً، طالما كان يعيش بتآلف رغم تعدده الديني.
العراق بحاجة الى وقفة حقيقية، لإعادة الإستقرار الأمني، والإجتماعي، والفكري، بما يحقق الوحدة والوئام، أما التعصب الأعمى فلا يجلب لنا إلا الدمار والشحن الطائفي، وسيكون عالماً تمزقه الحيل والخدع من جهة، وجهل الناس بالدين من جهة أخرى، لذا على الطبقة المثقفة والسياسيين، أن يكونوا مؤمنين بدورهم الذي يقومون به للصالح العام، ويمتازون بالفطنة والذكاء، ليتفهموا المواقف والرؤى المختلفة، وكيفية التعامل معها بصورة المتعقل المتفهم، لا بطريقة المتعصب المتخندق.
ختاماً: خلل كبير أصاب عقول أغلب المتأزمين، المتصدرين للمشهد السياسي، الذين يعتاشون على النعرات الطائفية، فهم لا يملكون الحكمة في أبسط الأمور، التي يجب أن تتوفر بمَنْ يتصدى، ليقود بلداً مثل العراق، أو يحشر أنفه بدهاليز السياسة، فهو سياسي في النهار وطائفي في المساء، حتى أمسوا تجاراً، بسوق الطائفية.
https://telegram.me/buratha