عدنان علامه ||
قارن البعض بين ترامب وبايدن في مسألة مقتل خاشقجي. وخلصوا بأن بايدن وصل حيث انتهى ترامب وكفى. ولا بد من الإشارة بأن ترامب كان واضحاً جداً إلى درجة الوقاحة في الإبتزاز ودون أي رادع أخلاقي يمنعه من عدم إحترام الحكام السعوديين. وكان يتصرف ترامب كزعيم مافيا يفرض الخوات علناً وليس كرئيس دولة عظمى. وأما بايدن فإنه يبتز ولكن بدهاء لا مثيل له ولا يكشف كل أوراقه التي ستساعده في المستقبل. فالسماح بنشر مقاطع مدروسة بعناية فائقة حول تقرير مقتل خاشقجي لم يحمّل المسوولية الجنائية لمحمد بن سلمان وهو سيتعملها كورقة مساومة مسلطة على رقبة بن سلمان ليستعملها ضده في المستقبل دون أن يصل الامر إلى فرض العقوبات عليه أو محاكمته.
وقبل بحث توزيع الأدوار بين البيت الأبيض والنتاغون وأخذ الدروس من بايدن في فن الإبتزاز الناعم الخطر جداً؛ أذكر الرأي القانوني في نشر تقرير مقتل خاشقجي للمحققة الأممية أغنيس كالامارد: "من الخطير للغاية لواشنطن أن تقر بالمسؤولية الفعلية لمحمد بن سلمان ولا تتخذ إجراء بحقه". وأضافت كالامارد على تقرير مقتل خاشقجي: "ما تم الكشف عنه قليل جداً فيما يبدو وهذا مخيب للأمال".
ويبدو أن بايدن قد إكتسب خبرة "العصا والجزرة" عندما مارس مهامه كنائب للرئيس أوباما،وهو يطبقها اليوم ببراعة منقطعة النظير مع السعودية.
ففي الوقت الذي يؤكد فيه بأن العلاقات مع السعودية ليست كسابق عهدها؛ يعترف البنتاغون "بأن علاقتنا الاستراتيجية مع السعودية وحماية أراضيها والعلاقات العسكرية لم تتأثر".
ولنفهم جيداً طريقة عمل بايدن في الإبتزاز فقد رصدت تصريحات البنتاغون بالإضافة إلى تصريحات المتحدثةَ بإسم البيت الأبيض جين ساكي.
تصريحات البنتاغون:-
1- "السعودية شريك استراتيجي وعلينا واجب دعمها والدفاع عن أمنها"، وشددت وزارة الدفاع على أن "العلاقات العسكرية مع السعودية قوية".
2-السعودية لديها الحق في الدفاع عن نفسها ولدينا التزامات تجاهها.
3- "ستستمر علاقتنا الاستراتيجية مع السعودية وحماية أراضيها والعلاقات العسكرية لم تتأثر.
4- "المسائل المثارة حول العقوبات الناجمة عن مقتل خاشقجي تعود للبيت الأبيض حصراً ".
5- "ستستمر علاقتنا الاستراتيجية مع السعودية وحماية أراضيها".
6- وفي تصريح خارج السياق حول إتهام الحوثيين بإستلام الأسلحة من إيران: "الحوثيون مستمرون في تسلم أسلحة من إيران والسعودية تتحمل هجوم الحوثيين عليها".
7-" إلتزاماتنا الأمنية نحو الرياض لم تتغير لكننا نسعى لإيجاد حل سياسي لأزمة اليمن.
وننتقل سوياً إلى البيت الأبيض والمتحدثة بإسمه جين ساكي لنتعلم فن الإبتزاز الخبيث من خلال التصريحات التالية:-
1- "إتخذنا سلسلة من الخطوات القوية ضد المتورطين في قتل خاشقجي".
2- ساكي بشأن فرض عقوبات على ابن سلمان: "لم نفرض سابقاً عقوبات على كبار المسؤولين في دول حليفة.
3- "علينا التصرف بما يخدم الولايات المتحدة وهذا ما يحاول الرئيس القيام به".
4- ساكي حول الانتقادات لبايدن لعدم فرض عقوبات على ابن سلمان: "الرئيس تصرف وفق المصلحة الأميركية".
وبناءً عليه نلاحظ أن ما يحكم التصرفات الأمريكية على الصعيد السياسي والعسكري هي المصالح الأمريكية الإستراتيجية؛ ولذا فإن الحديث عن الحل السلمي في اليمن سيأخذ بعين الإعتبار العلاقات الإستراتيجية مع السعودية وبالتالي فإن تصرفات الثعلب الماكر بايدن في محاولات وقف العدوان على اليمن هو لكسب الوقت لصالح تحالف العدوان. وقد لا تتردد أمريكا في توجيه ضربةَ عسكرية للحوثيين عقاباً لهم لإستهداف السعودية
ومع كتابة خاتمة هذا المقال نقلت قناة يورو بشكل عاجل : "واشنطن تدعو السعودية "لتفكيك" المجموعة المسؤولة عن إغتيال الصحفي المعارض جمال خاشقجي.
فهذا الخبر يؤكد بأن بايدن يحاول بشتى الوسائل فرض المزيد من الضغوطات. فبايدن يعلم علم اليقين بأن "مجموعة القتل" إنتهى دورها بعد تنفيذ مهمة قتل خاشقجي ولكنه إبتزاز بايدن الهادئ الماكر الخبيث لتحقيق أقصى المكاسب مستعملاً سياسة العصا والجزرة.
وإن غداً لناظره قريب
01/03/2021