المقالات

كم فرقة عند البابا؟!

1848 2021-03-03

 

حمزة مصطفى ||

 

بعد يومين يحل علينا بابا الفاتيكان فرانسيس ضيفا عزيرا كريما كبيرا. حين يزور البابا الدول صغيرها وكبيرها تضع الخطط  وتشكل اللجان والجداول حول كيفية الإستفادة من هذه الزيارة سياسيا وسياحيا. فالزيارات التي يقوم بها البابا وبما يمثله من رمزية دينية تعد بحد ذاتها ثروة لايمكن تفويتها بالنسبة للدول التي لديها عقل تجاري وسياحي وتنموي لا عقل خلافي, حزبي, مكوناتي هدفه العرقلة لا البناء.  

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وأثناء مؤتمر يالطا عام 1945 أخبر رئيس الوزراء الإيطالي الزعيم السوفياتي آنذاك جوزيف ستالين أن البابا أعلن الحرب  على هتلر, فما كان من ستالين أن أجاب ساخرا (كم فرقة عند البابا)؟. كان المقياس الوحيد بالنسبة لستالين هو القوة المادية. ذهب ستالين وبقي سؤاله الساخر في وقته مثار سخرية التاريخ والمؤرخين والسياح والسائحين الآن. صحيح أن منطق القوة المادية لايزال يعتمد في جانب أساسي منه على ماتمتلكه الدول من جيش وقنابل ربما بعضها نووية وطائرات ومعدات, لكن القوة الناعمة بشتى صيغها وتنوع أساليبها أخذت تزاحم إن لم تتفوق أحيانا على منطق القوة الغاشمة عسكرا وسلاحا.

 إن مراهق سياسي مثل كيم جونغ يمتلك القنبلة النووية لكنه ليس على الخريطة بموازين القوة الحقيقية للدول. فأي وزن تمثله كوريا الشمالية اليوم على خريطة الدول  التي تملك القوة سواء كانت مادية أم معنوية. دولة الفاتيكان ربما هي أصغر من أصغر قرية في  العراق أو مصر أو الجزائر أو سنغافورا أو الهند,  مساحتها 44 كم  مربع ونفوسها لايتعدون الـ 800 نسمة.

لو حاولنا قلب المعادلة بشكل آخر وأردنا الإستعداد لزيارة يقوم بها الرئيس الأميركي التي تبلغ مساحة بلاده أكثر من 9 ملايين كم متربع ونفوسها أكثر من 350 مليون نسمة أو الرئيس الصيني التي يبلغ عدد نفوس بلاده أكثر من مليار ونصف المليار نسمة .. هل إحتجنا لكل هذه التحضيرات والإستعدادات والرهانات بالقياس الى الزيارة التي يقوم بها البابا فرنسيس؟

لا بالتأكيد. لماذا نهتم بالبابا الذي لايملك حتى بندقية صيد ولا نعير أقل من نصف هذا الإهتمام لو حل ضيفا علينا الرئيس  الأميركي أو الصيني؟ الإجابة واضحة وهي أن معايير القوة لاتقاس دائما  بسؤال ستالين المملوء غرورا وعجرفة .. كم فرقة عند البابا, بل بالبعد الروحي الذي هو عند الشعوب أهم بكثير من أي بعد مادي. لذلك فإن زيارة البابا الى العراق في هذا الوقت يفترض أن تكون موضع إهتمام على الأصعدة الثقافية والحضارية والدينية. فعبر هذه الزيارة سوف يتم ولأول مرة تسليط الأضواء وبقوة على مصادر قوتنا الناعمة بما نملكه من إرث وتراث ديني وثقافي وحضاري يحتاج منا بعد إتمام الزيارة الى وضع الخطط والبرامج اللازمة لكيفية تسويقه الى العالم أجمع كونه ثروة لاتقدر بثمن لو أحسنا إستثمارها.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك