المقالات

كيف صنعوا الدولة العميقة؛ ومن صنعها؟!

1402 2021-03-06

 

قاسم العجرش ||

 

بناء معظم القوى السياسية العراقية، كان على قاعدة الشيخ والمُريد، حيث أعضاء الأحزاب؛ “توابع” لـ”شيوخ” الحزب، أو بالأحرى لـ”مالك الحزب” وحيث يتعين عليهم أن يقولوا له “نعم” على طول الخط..وإذا قال المُريد “لا” فالتكلفة باهضة جدا، في بعض الأحيان لا يتم طرد قائل الـ “لا” من الحزب، بل من الحياة برمتها!

الـ “نعم” تحتم على المُريد أن يقولب عقله باستمرار، وفقا لتغيرات أفكار ورؤى “مالك” الحزب، هذا إن كانت له رؤى وأفكار، وعلى “التابع” أن يقول لـ”سيده”، “أحسنت” على طول الخط!

إذا تحالف سيده مع الباطل، فإن عليه أن يجد تبريرا، لا بل عليه أن يقول للحق إنك باطل..إذا “أحب” سيده دولة ما؛ عليه أن يحبها أكثر من حب سيده لها، وإذا كرهها عليه أن يكرهها؛ أكثر مما يكرهها سيده، وإذا طلب منه أن يشتمها، فإن عليه شتمها مثل ما تتشاتم العواهر، وإذا طلب منه أن يصفق لها، فإن على يديه أن تحمرا من التصفيق.

الشواهد كثيرة ولا تحتاج إلى عرض، وشهوة السلطة مرض خطير له مضاعفاته وتبعاته، وهو مرض شديد العدوى، لأنه ينتقل بوسائل عديدة ،منها الاحتكاك المباشر والتماس بالعمل، والتمثل والاقتداء والاحتذاء أيضا..!

من مضاعفات مرض شهوة السلطة؛ إدمان العيش في قيعانها، ظنا أن ما فوقها تيجان! ومعنى هذا أن مَنْ في السلطة، يظن أن ريش السلطة يسمح له بالطيران، غير عارف بأن هذا الريش؛ من سنخ ريش الديكة زاهي الألوان، لكن لا ينفع أن يطير الديك به.

عندما ذهب شعبنا إلى العمليات الانتخابية البرلمانية السابقة، فإنه ظن انه انتخب برلمانيين يمثلونه، يدافعون عن حقوقه القانونية والدستورية، ويراقبون أداء الحكومة وباقي مؤسسات الدولة، لكن شهوة السلطة مرض استفحل في العراق، وسرت عدواه إلى جميع القوى السياسية، التي انتفحت شهية حب السلطة لدى عدد من رجالاتها، فتحولوا الى رجال للسلطة، ثم الى عبيد لها!

لذلك شاهدنا على مر السنوات الثماني عشرة المنصرمة؛ من عمر العملية السياسية، سباقا محموما نحو السلطة والمراكز التنفيذية؛ من قبل البرلمانيين المنتخبين، متخلين عن شرف التمثيل النيابي العظيم، لصالح المراكز التنفيذية الحكومية، لهاثا نحو منافعها، الأمر الذي يضعهم في دائرة الشك بنزاهتهم ابتدارا، ولا عبرة بادِّعاء نوايا خدمة المواطن، الذي من حقه وحق المراقب على حد سواء، التشكيك بنواياهم وتوجهاتهم، وتعريضهم الى النقد والاتهامات، التي ستتحول الى نقد لقواهم السياسية!.

في هذا الصدد نقول، يجب أن يكون هناك سياق دائم، هو أنه يجب الفصل؛ بين رجال العمل الحكومي ورجال العمل التشريعي، وأن من يصلح لهذا؛ لا يمكن أن يكون دائما صالحا لذاك..

الشيخ يكافيء المُريد دائما؛ لأنه أدوات من أدواته المضمونة، وثمة مثلبة تفعلها القوى السياسية بلا حياء، وهي أنها تمنح الفاشلين في الانتخابات مناصب حكومية، وكأنما تفعل ذلك مكافأة على الفشل، والحقيقة أنها تفعل ذلك لأنها تعرفهم جيدا؛ وهم “جيوب” مفتوحة للحصول على المنافع اللامشروعة..هذا نمط شائع من أنماط الفساد السياسي، وهو بوابة كبرى لتدمير الدولة، وصناعة الدولة العميقة!

هنا من حقنا أن نحلم؛ بأن يصار الى إصدار قرار تشريعي ملزم، يقضي بأن من فشل في الحصول على ثقة الشعب تشريعيا، يجب ألّا يُمنح منصبا تنفيذيا، لأن من فشل هناك ولم يحظ بثقة الشعب، سيكون فاقدا لذلك أيضا في الحكومة..

تتمة الحلم هي وضع ضوابط صارمة، ويجب أن تتجنب أخطاء المرحلة السابقة، سواء على صعيد الحكومة أو في البرلمان، ومن يفشلون في أي منها، يجب أن يتحولوا الى نشاطات أخرى، وأرض العراق واسعة لهم..!

كلام قبل السلام: معظم النوايا طيبة جدا، لكن الآمال لا تتحقق بالنوايا، ولا بتحمل الرزايا، بل بالسيرعلى الطريق المضاد..لذا علينا أن نبحث عن الطريق المضاد..وهو بمتناول أيدينا..!

سلام ..

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
دينار بحريني 0
يورو 0
الجنيه المصري 0
تومان ايراني 0
دينار اردني 0
دينار كويتي 0
ليرة لبنانية 0
ريال عماني 0
ريال قطري 0
ريال سعودي 0
ليرة سورية 0
دولار امريكي 0
ريال يمني 0
التعليقات
حيدر الاعرجي : دوله رئيس الوزراء المحترم معالي سيد وزير التعليم العالي المحترم يرجى التفضل بالموافقه على شمول الطلبه السادس ...
الموضوع :
مجلس الوزراء : موقع الكتروني لإستقبال الشكاوى وتقديم التعيينات
سهام جاسم حاتم : احسنتم..... الحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام.جسد اعلى القيم الانسانية. لكل الطوائف ومختلف الاقوام سواء ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
Muna : بارك الله فيكم ...احسنتم النشر ...
الموضوع :
للامام علي (ع) اربع حروب في زمن خلافته
الحاج سلمان : هذه الفلتة الذي ذكرها الحاكم الثاني بعد ما قضى نبي الرحمة (ص) أعيدت لمصطفى إبن عبد اللطيف ...
الموضوع :
رسالة الى رئيس الوزراءالسابق ( الشعبوي) مصطفى الكاظمي
فاديه البعاج : اللهم صلي على محمد وال محمد يارب بحق موسى ابن جعفر ان تسهل لاولادي دراستهم ونجاح ابني ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
محمد الخالدي : الحمد لله على سلامة جميع الركاب وطاقم الطائرة من طيارين ومضيفين ، والشكر والتقدير الى الطواقم الجوية ...
الموضوع :
وزير النقل يثني على سرعة التعاطي مع الهبوط الاضطراري لطائرة قطرية في مطار البصرة
Maher : وياريت هذا الجسر يكون طريق الزوار ايضا بأيام المناسبات الدينية لان ديسدون شارع المشاتل من البداية للنهاية ...
الموضوع :
أمانة بغداد: إنشاء أكبر مجسر ببغداد في منطقة الأعظمية
ساهر اليمني : الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ...
الموضوع :
السوداني : عاشوراء صارت جزءا من مفهومنا عن مواجهة الحق للباطل
هيثم العبادي : السلام عليكم احسنتم على هذه القصيدة هل تسمح بقرائتها ...
الموضوع :
قصيدة الغوث والامان = يا صاحب الزمان
فيسبوك