د محمد القريشي ||
معايير القيادة الحديثة، لا تعتمد على الكاريزما، بقدر اعتمادها عاى القدرات النوعية والمتجددة والصفات الاخلاقية الخاصة ، واهمها النزاهة في التعامل مع الشان العام ( ماديا ومعنويا ) والشفافية والصدق،.. وهذه سلوكيات يمارسها القائد في مسيرته، و سمات تربوية، يبثها في بيئته كي يورثها للاجيال، ويعزز من خلالها ثقة الجمهور به.
"الكارزماتية" ، مظهر خارجي ولغة جسد، تثير المشاعر العاطفية وتجلب اهتمام الاتباع ،وتهيمن على القلوب قبل ان تقدم منجزات للجماعة ( او للمؤسسة ) ،وهي تفيد ، في الهياكل غير الديموقراطية او قوى اللادولة ، التي يرتبط فيها الراس مع القاعدة برابطة الهيمنة ، ويحتل فيها المواطن، منزلة التابع الذي لا يهمه إنجاز القائد بقدر اهتمامه بشجاعته وعلو صوته ومظهره وغير ذلك ..
والقائد الحقيقي، هو من يمتلك مجسات الاستماع
للجمهور، ورصد التغيرات في بيئته ، ووضع السياسات المناسبة . وهو المفاوض الجيد ذو الشخصية النافذة والرؤية العميقة والقدرة على اتخاذ القرارات النوعية.
الكارزماتية ، المهيمنة ، تحول الحلقات المحيطة بالقائد الى حواشي ، تردد "ببغاويا"، ما يقوله القائد، والقيادة الحديثة ، تحول الحلقات المحيطة بالقائد، الى فرق عمل متخصصة ومنتجة ومتجددة ..
والقائد الحديث، هو من احاط نفسه بقادة ، والقائد الكارزماتي بالمعنى التقليدي ، هو الذي يحيط نفسه باقزام ينظرون اليه بتبعية نفسية او مصلحية ضيقة .،
القيادة الكارزماتية صناعة مجتمعية جامدة، والقيادة الحديثة ، صناعة مؤسساتية مواكبة للعصر .،
عندما يغيب القائد الكارزماتي ، تتشظى حاشيته وتنتشر بين مفاصل الدولة مسببة في تراجعها، وعندما يغيب القائد الحديث ، يتوزع فريق عمله ( القادة ) على مفاصل الدولة ، ليسهم في تعزيز قدراتها ونقلها الى الامام .،
ولهذا لا تتحدث الدول الرصينة، عن اسماء قياداتها الا بالحديث عن إداراتها الملحقة بها ( ادارة بوش، ادارة كلنتون وغير ذلك ).،
لم يكن ، فرانسوا هولند الرئيس الفرنسي الأسبق ذو شخصية مؤثرة ، ولم يكن ماهرا في القيادة ، وبدأ حكمه لفرنسا، بتواضع لا يليق بها ، ولكنه بعد اشهر ، ابدل فريق عمله بمستشارين شباب لا تتجاوز أعمارهم ال ٣٢ سنة ، تم اختيارهم من الشريحة المتقدمة على اذكياء مدارس الادارة ( يطلق عليهم فريق الاطفال ) ، وقدموا له خدمات نوعية..
ووصلت قيادات شابة في اكثر دول اوروبا ، وفق معايير الادارة الحديثة ..
عالم الثورة الرقمية يتطلب قيادات واعية لواقع المرحلة وتحدياتها ، ونزيهة ، وصارمة مع نفسها قبل ان تكون صارمة من الاخرين..
في الأوساط السياسية لكثير من الدول ، يجري بشكل شبه مالوف ،استخدام معايير "الذكاء " لتوصيف الافراد واستشراف نجاحاتهم ( هذا ذكي ، وذاك اقل ذكاءا وغير ذلك ) لخطورة تسليم مفاصل الدولة الى شخصيات متواضعة الذكاء..
https://telegram.me/buratha