عبدالزهرة محمد الهنداوي ||
وأخيرا.. حطّ الحبر الاعظم قداسة البابا فرنسيس، رحاله في بغداد، حاجّا الى العراق، في ثلاثة ايام، كانت ايّام حج حقيقي لأرض وادي الرافدين، تلك الارض التي شرفها الله، لتكون مهدا، للاديان والحضارات، ولتشهد ولادة أول حرفٍ، كان منطلقا، لتعليم الانسانية القراءة والكتابة، وبواسطة هذا الحرف، تكاملت الحضارات، وتلاقحت الثقافات، وتعانقت الديانات، هنا، في هذه الارض، التي رعت نشوء خمس حضارات، مثلت نورا مشعا للبشرية جمعاء..
حطَّ قداسة البابا رحاله في بغداد، ليحظى باسمى وارقى واحلى استقبال.. استقبال يليق بالمُستقبِل (العراق) بعمقه التاريخي والحضاري، الضارب في اعماق الكون.. العراق الدولة، بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. ويليق، بالضيف ، (قداسة البابا)، بكل ما يحمله من ثقل وبعد ديني وانساني واجتماعي وحتى سياسي..
حطّ قداسة البابا رحاله في بغداد، ليحجز له مقعدا متقدما في مسرح تاريخ العراق، وليكون بذلك اول زعيم للفاتيكان يزور هذا البلد ، بعد ٢٦٥ زعيما للكنسية الكاثوليكية، سبقوه في هذه الزعامة.
حطّ قداسة البابا، رحاله في بغداد، ليتوجه منها الى الوادي المقدّس (النجف الاشرف) لينهل من مدرسة علي بن ابي طالب (ع) تلك المدرسة التي تعلم فيها تلامذتها، اعظم وأول درس في التعايش السلمي بين بني البشر " انما الناس صنفان، اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق)، وبجوار المدرسة العلوية، هناك في ذلك الزقاق الضيق، الذي احتوى العالم باسره، اخوة وانسانية، حيث رمز السلام والتسامح، كان اللقاء الكبير، بين قطبي السلام والانسانية، سماحة المرجع الاعلى السيد علي السيستاني، وقداسة البابا فرنسيس، ليكون ذلك اللقاء، منطلقا لحوار كبير تشهده ارض الرافدين، انه حوار الاديان والحضارات.
حطّ قداسة البابا رحاله في بغداد، ليحلّق منها مثل طائر ابيض يلّوح بجناحيه الجميلين، ناشرا السلام والمحبة في سماء العراق، متجها الى جنوب القلب، الى ذي قار، وناصريتها العريقة، حيث مرقد ابي الأنبياء، ابراهيم (ع)، والزقورة الخالدة، وقطعا ان هذه الزيارة، ستمثل بداية مرحلة مختلفة لهذه المدينة التي مازالت ترزح تحت وطأة البؤس والحرمان، على الرغم من توافرها على مصادر الخير كله..
حطّ قداسة البابا رحاله في بغداد، التي تمثل الجمال والسلام، لينطلق منها إلى نينوى الحدباء، عنوان التآخي، ورمز المحبة، التي اغاضت الاشرار ، فاستهدفها الارهاب بمخالبه المؤلمة، فتأتي زيارة البابا لتضميد جراحها، وليرسل من هناك رسالته الإنسانية، للعيش بسلام..
حطّ قداسة البابا رحاله في بغداد، ومنها طار إلى ركن اخر من اركان القلب، إلى اقليم كردستان، فالشرايين مازالت تتدفق اخوة عربية- كردية، تحت لواء واحد موحد هو العراق، ومن اربيل كانت رسالة الحبر الأعظم ، أن أيها العراقيون، عيشوا بسلام آمنين تحت خيمة عراقكم الذي يمثل عنوانا للتآخي ..
حطّ قداسة البابا رحاله في بغداد، لُيطلق منها رسائله العظيمة..
- فلتصمت جميع الأسلحة، ونضع حدا لانتشارها
- نحتاج إلى حوار صادق محمي بالقانون والعدل
- ينبغي الاعتناء بالشباب وتغذية احلامهم.
- يجب ان لايُستغل اسم الله في الظلم والبطش
حطّ قداسة البابا رحاله، في بغداد، لتكون عاصمتنا، محط أنظار العالم بأسره، ليرى الآخرون العراق الحقيقي، عراق السلام والمحبة، عراق الحياة والنماء، وليس عراق الدخان والحرب والخراب، والتناحر..
https://telegram.me/buratha