المقالات

قمة روحية بين القداسة والمقدس

1678 2021-03-14

 

واثق الجابري ||

 

لقاء أقل ما يوصف بأنه تاريخي وحدث أستثنائي، ولا نجانب الحقيقة إن توقعنا أنه قد  يؤسس لتاريخ قادم  فأنه مراجعة لتاريخ سابق.

قالها البابا قبل أن يصل العراق، في أول زيارة في تاريخ العراق والفاتيكان " أتيتكم حاجا تائبا لكي ألتمس من الرب المغفرة والمصالحة بعد سني الحرب والارهاب"، يحمل في صدره الصليب وهموم شعب، واجه حروب التطرف والإرهاب والتهجير  والذبح والمآسي الإنسانية.

خطوة شجاعة  إتخذها البابا رغم كل التحذيرات، وأمنيات أعداء المنطقة بإفشال تقارب الأديان والحضارات، والمشاريع السياسية التي تقف بوجه الحوار، نتيجة مصالح سياسية وشركات عينها على كل بقعة في الأرض، فكيف يكون فعلها في بلد ثري بتاريخه وتنوعه  وطاقاته الكامنة، التي حولتها تلك القوى الى معاول تضرب في جسد الوطن، فكان الرد بالزيارة التاريخية، ومحورها زيارة المرجع الأعلى السيد السيستاني، كنتيجة حتمية لجهود لا تخفى على البابا والعالم، وبرهنها بالزيارة وتقديم الشكر.

 تحدث الزعيمان عن قضايا لا تخص العراق فحسب، بل تطرقا الى مجالات غاية الأهمية وتخص المجتمع الدولي بأسره، الذي يعاني من أمراضاً اجتماعية وسياسية وأمنية وعنصرية ، وفقر وإضطهاد  وغياب عدالة إجتماعية وتقييد حريات، وما تشهده المنطقة من حروب وتهجير وحصار اقتصادي، والتأكيد على القضية الفلسطينة، مؤكدين أهمية  الإلتزام  بالقيم الإنسانية والروحية والتعايش السلمي والتضامن الإنساني، وأحترام متبادل بين الأديان والأتجاهات الفكرية.

 ركزت الزيارة على مباديء وخارطة طريق لسلام وسعادة البشرية.. فمن حق العراقيين التركيز عليها، والإفتخار بمرجع ذي قيمة روحية وفكرية وبأطروحات مقدسة، أسست لعراق  مقدس التاريخ والدماء التي حافظ عليها بفتواه وعودة الى الدولة العراقية بعد 2003م، من رفض تولي حاكم مدني أمريكي الى الإصرار لكتابة دستور بأيادي عراقية وإستفتاء الشعب عليه، فمنع الإقتتال الطائفي والحرب الأهلية، ثم مواجهة العصابات الإرهابية، وإحتضان شرائح وطوائف متنوعة من الشعب العراقي، وتقديم النصائح للقادة السياسيين ورسم منهج التخلص من الفساد، وصولا الى مقاطعة ساسة، لم يتعاطوا بإيجابية مع نصائح مرجعية وقفت مع الشعب، وما تحتم عليه الإنسانية بإحترام حرياته  والحصول على حقوقه، لذا كانت قمة روحية بين قداسة البابا والمرجع المقدس بإمتياز، مما سيدفع لتعزيز روح التعايش والتسامح، ولم تحسب الزيارة أنها  لمرجع شيعي بقدر ماهو مرجع لكل العراقيين، الذي دافع عنهم بعيداُ عن الدين والمذهب والطائفة.

إن المشهد السياسي  الدولي والأقليمي، يشهد نزاعات  وحروب وتوسع  على حساب شعوب  وحصار وتهجير  وغياب عدالة إجتماعية وأنتهاك لحريات فردية وفكرية، في المنطقة صراعات داخلية  وضمن الأقليم لمصالح دول كبرى،  وهذا ما يتطلب صحوة ضمير لحكام المنطقة، وتصحيح المسار  لإشاعة السلام، وجعل الشعوب تتمتع بثرواتها بدل إنفاق الأموال على الحروب، وهذا لا يعني التنازل عن القضايا المركزية  أمام كيان غاصب يحتل الأرض الفلسطينية،  ويشعل حروباً لضمان مصالحه وتوسيع نفوذه.

 من الميزات التي جعلت من هذه الدول مستهدفة أو يهدد  تعايشها، أنها تحضى بالتنوع الفكري والثقافي والإقتصادي، ومهد للحضارات الإنسانية، لذلك جائها البابا حاجاً، وبدأ من بغداد دار السلام ومن ثم النجف مدينة العدالة الإنسانية، ثم الى أور بيت النبي ابراهيم أبو الأنبياء، وبخطابات وأفعال المرجعية الدينية؛ كان العراق محل فخر في حمله راية السلام ومجابهة التطرف، ومن المناسب لشعوب المنطقة، إستثمار زيارة البابا وتجاوز أزماتها التي تمحورت في إدخالها في الحروب والنزاعات، وجعلها تعيش التخبط السياسي والإجتماعي والإقتصادي، وكان شجاعاً بإختياره أماكن بذاتها في جدول الزيارة، وشاهد بعينه حجم الجرائم الإرهابية، ودور المرجعية الدينية في الدفاع عن الأقليات والضعفاء، ولاحظ بعينه تلك الجهود الكبيرة  والتضحيات، التي بذلت لإعادة العراق الى وضعه  الإستراتيجي، وفرصة لعيش العراقيين بكل قومياتهم وأديانهم بسلام في بلد أنهكته الحروب والإرهاب منذ عقود طويلة.

 جاء القديس حاملاً رسالة للسلام، ليلتقي المقدس  الذي كان  قائداً للسلام في العراق، وجنب العالم  تمدد الإرهاب،  وأن كان القديس قد جاء حاجاً الى العراق، فقد سمع من المقدس تلك  الكلمات التي تسبق الحج، وطالب المرجع القيادات الدينية والروحية بالضغط على الدول الكبرى، ومنع تدخل مصالحها على شعوب العالم والمنطقة بصورة خاصة.

اشترك في قناة وكالة انباء براثا على التلجرام
https://telegram.me/buratha
المقالات لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع
اضف تعليقك
الاسم والنص والتحقق من الروبوت ضروري
الاسعار الرسمية للعملات مقابل الدينار
التعليقات
----خلف ناصر عبد الله : اتمنى لكم التوفيق والسداد بحوث روعه غيتها اعلاء اعلام دين الله سبحانه:؟ ...
الموضوع :
تفسير "هذا صراطُ عليٍّ مستقيم" (الحجر: 41)
منير حجازي : العلاقات التي تربط البرزانيين بالكيان الصهيونية علاقات قديمة يطمح الاكراد من خلالها أن يساعدهم اليهود على إنشاء ...
الموضوع :
النائب مصطفى سند يُحرك شكوى ضد ممثل حكومة كردستان في المانيا دلشاد بارزاني بعد مشاركته احتفال في سفارة الكيان الصهيوني
منير حجازي : الاخت الفاضلة حياكم الله نقلتي قول (أنطوان بارا) في كتابه الحسين في الفكر المسيحي وهو يعقد مقارنة ...
الموضوع :
الحسين في قلب المسيح
ولي : بعد سنوات اليوم يقبل ابناء عنيفص منفذ المقابر الجماعية بحق الانتفاضة الشعبانية ١٩٩١ في الكلية العسكرية بينما ...
الموضوع :
محكمة جنايات بابل تحكم باعدام الارهابي رائد عنيفص العلواني قاتل 26 مواطنا ودفنهم في حديقة داره ببابل
زياد مصطفى خالد : احسنت تحليل واقعي ...
الموضوع :
مسرحية ترامب مع زيلنسكي والهدف الامريكي !!
ابو حسنين : انظرو للصوره بتمعن للبطل الدكتور المجاهد والصادق جالس امام سيد الحكمه والمعرفه السيد علي السستاني بكل تواضع ...
الموضوع :
المرجع الديني الأعلى السيد السيستاني يستقبل الطبيب محمد طاهر أبو رغيف
قتيبة عبد الرسول عبد الدايم الطائي : السلام عليكم اود ان اشكركم اولا على هذا المقال واستذكاركم لشخصيات فذة دفعت حياتها ثمنا لمبادئها التي ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
م خالد الطائي : السلام عليكم, شكرا لصاحب المقال, عمي مالك عبد الدايم الطائي: خريج 1970م، تخرج من كلية العلوم بغداد ...
الموضوع :
كلمة وفاء لإعدادية الكاظمية!!
ام زهراء : مأجورين باىك الله فيكم ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
علاء عبد الرزاق الانصاري : الاهم صلي على محمد وال محمد الطيبين الطاهرين ...
الموضوع :
صلاة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام) لقضاء الحوائج
فيسبوك