د . جواد الهنداوي ||
يكادُ يكون العراق الوطن الوحيد في المنطقة ، والذي تتعايش و تتزاحم و تتنافس سلبياً فيه هذه الظواهر : الدولة والدين والسياسة .
أستفهامات ثلاث تعّلل و تؤشر هذا التعايش السلبي ، وتقارن حالة التعايش السلبي بين الدولة والدين و السياسة في العراق و حالةالتعايش الإيجابي لهذه الظواهر في ايران .
ابدأ بالاستفهام الأول :
لماذا التعايش سلبياً بين هذه الظواهر في العراق ؟
لانه ، ببساطة تعايش على حساب الدولة اولاً وعلى حساب الدين ثانياً . أصبحت الدولة ككيان و كهيبة ضحّية للاستخدام السئ للدين و لبعض الهواة و التجّار في السياسة . بدلاً من أنْ يكون الدين ظاهرة تعزّز كيان الدولة وتقّوم النفس وتبني الجانب الروحي والأخلاقي و المعنوي للفرد وللمجتمع ،اصبحَ للاسف ، وبسبب التوظيف المغرض و السئ ، ظاهرة تقتاد على الدولة ، ظاهرة تستخدم الدولة ، وتفرّق المجتمع ، وتستنفر الفرد . و بدلاً من ان توظّف السياسة لخدمة الدولة ، أصبحت وسيلة من اجل استخدام الدولة ، و اضعافها والمتاجرة بمقوماتها ( ثروات ،سلطة ، مساحة ،سيادة ) .
فقدت الدولة ثرواتها بسبب سياسات ،ليست خاطئة و إنما مدروسة بتعميم الفساد وتغييب التنمية والتخطيط . فقدت الدولة سلطتها لصالح الفوضى و لصالح الشارع ، وبذريعة الحريات والديمقراطية و المحاصصة او المشاركة ! تعيش الدولة ( العراق ) في حالة قلق و ترقّب على سلامة و وحدة اراضيها ، وبسط سلطتها و نفوذها ! تعيش الدولة ( العراق ) ليس احتلال واحد ، وانماّ احتلالات وتحت ذرائع مختلفة !
الاستفهام الثاني هو عن مؤشرات هذا التعايش السلبي بين الدولة والدين والسياسة . احدث هذه المؤشرات رفض سماحة السيستاني مقابلة السياسين و عدم تردد سماحته بقول ذلك علناً للذين يرجون مقابلته ولزائريه ، و منهم االبابا فرنسيس ، خلال مقابلته لسماحته في ٢٠٢١/٣/٦ . رفض سماحته مقابلة السياسيين دليل على أساءة المشهد السياسي و فواعله للدين و للدولة . ومن المؤشرات ايضاً الجدل بين بعض السياسيين ، حول الزيارة التي خصّها البابا فرنسيس لسماحة السيستاني دون شخصيات دينيّة اخرى . جدلٌ ألبسَ الزيارة بُعداً طائفياً ، و اختزلََ ابعادها السياسية المستقبلية على صعيد العراق و المنطقة بهذا البُبعدْ .
الاستفهام الثالث عن مقارنة حالة العراق في التعايش بين الدولة والدين والسياسة عن حالة ايران ولبنان .
في ايران الدين والسياسة في خدمة الدولة خلافاً لحالة أستنزاف و استخدام الدولة في العراق ، و لصالح التوظيف السئ للدين وللسياسة . والفرق واضح بين ما تحققه وتنجزه ايران على كافة الأصعدة رغم العقوبات و الحصار و ما يواجهه المجتمع من تحديات وصعوبات معيشية ، وبين ما يفتقر اليه العراق من إنجازات و نشاطات تنموية وعلى كافة الصُعد . الدين فاعل و مؤثر في ايران وكذلك السياسة ويعملان كلاهما في خدمة الدولة وتعزيز دورها ونفوذها و مكانتها . الدين فاعل و مؤثر في العراق وكذلك السياسة ولكن توظيفهما و استخدامهما ليس لصالح الدولة و لا لصالح المجتمع ،وهذا هو الفرق بين العراق و أيران .
https://telegram.me/buratha