محمد هاشم الحجامي ||
الشعوب تختلف في نظرتها إلى نفسها ونظرة الآخر لها فبعضها يرى أنه سيد نفسه وسيد غيره وآخرون يرون أنفسهم سادة على أنفسهم دون أن تمتد تلك السيادة إلى الشعوب الأخرى _ تنظيرا على الأقل _ وآخرون يرون أنفسهم عبيدا وغيرهم سيدا عليهم وهذا ما تجده لدى مجموعة كبيرة من مجتمع الجنوب العراقي خصوصا أولئك المسمين أنفسهم مثقفين لا يجيدون إلا لغة الشتم للشيعة وعقائدهم ورموزهم وتسفيه مجتمعهم والنيل من عاداته وأرثه .
هذه العقدة لها أسباب والتي أهمها التدجين الذي مارسته معهم السلطات الحاكمة عبر قرون حيث خلقت لديهم قناعات بعدم الأهلية على حكم أنفسهم وأنهم أقل شأنا من الآخرين !!!
وقد تستعمل تلك السلطات القهر والقمع والقتل والتصفية الجسدية لكل فرد يحاول اخراج مجتمعه من هذا الإذلال المتعمد كما تستعمل عملية تسفيه العقائد عبر التركيز على القضايا الأهم لدى المجتمع كقضية الإمام الحسين عليه السلام والإمام المهدي رغم أنهما أهم مصدري قوة وبناء في ذلك المجتمع كما أنها خلقت توصيفات تحقيرية بعضها مناطقية لمخاطبة الفئات غير المتدينة كالشروكي والمعيدي وبعضها دينية كالرافضي والصفوي وأخرى قومية كألفارسي والمجوسي والهندي وأخرى اجتماعية كالغجري كما يسميهم صدام حسين في مقالاته المنشورة في جريدة الجمهورية !!! .
وكان التأريخ حاضرا عبر اشكالاته العديدة والتي واحدة من تلك الإشكالات هي قضية ابن العلقمي التي شنع بها الطائفيون باختلاف مشاربعهم سواء دينية كما نجده عند ابن تيمية والمتأثرين به أم قومية كما نلمسها عند القوميين العراقيين من الملكيين أو القوميين أو البعثيين حيث ضخموها وبنوا منها دليلا على ضرورة إقصاء الشيعة واعتبروها واحدة من اكبر واجلى صور الخيانة !!! لهذا نجد بعض الموبوئين كمثال في المجتمع الشيعي ممن يدّعون الثقافة والتنوير يردد عبارات خطيرة انطلاقا من تلك العقدة التي عيشوه معها بالخطيئة الكبرى مثل أننا لسنا اهلا للحكم وأن حال العراق لا يصلحه الا العودة إلى المعادلة السابقة وهكذا ، انطلاقا من هذا الإحساس القائم على التدني أمام الآخر !!! .
هذا الإحساس ساهمت بتركيزه شخصيات عدة تتصارع من أجل السيطرة على الشارع الشيعي واستعمال كل الأساليب الحقيرة والمنحطة ضد بعضها البعض من أجل الوصول لذلك الهدف حتى وإن أدى ذلك إلى تحميل الشيعة مسؤولية كل ما يحصل في العراق بل إن الجرائم المرتكبة بحقهم يتم تحميلهم إياها كما نلاحظ في جريمة سبايكر والتفجيرات والخطف والتي يستهدف بها الشيعة و رغم أن الفاعل معروف وأهدافه ونواياه واضحة فهو من خسر السلطة ومعه من غذته فتاوى التكفير والاستباحة .
المجتمع الشيعي مليء بالمفكرين والمبدعين وأصحاب الرأي السديد ومن اشبعت أرواحهم عزة وإباء ، وهؤلاء صوتهم يصدح ليلا نهارا بوجه المتدنين والمرجفين .
بناء أمة واعية وسائرة بخطى ثابته وبثقة عالية ممكن وتحقيقه سهل بشرط إعادة الأمة إلى الهدف والتركيز على المشروع بدل الشخص الذي أصبح المحور لتلك الأمة ، وإخراجها من عباءة الزعامة الوراثية التي أصبحت بلاء ووبالا ينخر جسدها ، واعادة ترتيب الأولويات لديها وخلق كيانات وقوى منظمة دون ربطها بأسرة أو فرد ، وتفكيك المفاهيم المغلوطة والتي بعضها تأريخي وآخر مناطقي وثالث عقائدي وهكذا هلم جرا .
الأمل موجود وها نحن اليوم نجد كثيرين في مجتمعنا قد خرج من سجن التنقيص ، ومن مقاصل التحقير ، ومن بقوا أمّا مرضى لا شفاء لهم أو سيكشف لهم الزمن فظاعة الأمر الذي يؤمنون به .
رغم قلة أصحاب عقدة الدونية إلا أنهم أصحاب الصوت ألأعلى ؛ لهم صراخ وضجيج يوهم المتابع أنها ظاهرة عامة والحقيقة هي حالة طارئة من بقايا سنوات القمع والتسلط ومحاولات الاستعباد ، إنهم الأقل وليسوا ألأكثر .
https://telegram.me/buratha