منهل عبد الأمير المرشدي||
رغم أننا نعيش العام السابع عشرعلى سقوط الدكتاتور والحكم البعثي الهدام إلا أن ما يحصل في العراق تحت يافطة الديمقراطية من ديناميكية الانقلاب بين القاعدة والاستثناء والمألوف والشواذ والحق والباطل وما نعيشه من تفشي الجنون وإشاعة الفوضى والتبجح بالوقاحة وانتشار الفساد وتسلطن الفاسدين وتلقائية الانفلات والتجاوز على ثوابت المنظومة القيمية والأخلاقية تدعونا لنشخِّص الأسباب لذلك .
كثيرة هي الأسباب وأكثر منها المسببات ابتداءً من الدور الفاعل لأزلام البعث الصدامي إلى حقد الأعراب ومؤامراتهم إلى صراع الإرادات الدولية وتشابك المصالح على الأرض العراقية لكن رأس الأسباب وأهمها هو فقدان الإرادة عند أصحاب القرار والمسؤولين عن الأمر في العراق .
وجهة نظري الشخصية أرى الأمر مجسدا في مفهوم أن يكون الإنسان شجاعا أم جبانا .
لا أريد أن أتهم من أقصد في كلامي بالجهل أو الغباء أو البلاهة أو السذاجة لكن الحقيقة المتفق عليها عند علماء السيلوجيا تؤكد أن الثقافة تلعب دوراً هاماً وركيزة كبرى في بناء شخصية الإنسان ،
فالشجاع يعتمد المعرفة ركيزة أساسية تبنى عليها العواطف وتوظف الإرادة لإحالتها إلى واقع سلوكي من صميم الشخصية ذاتها فيما تتفاعل الثقافة مع قوة الإرادة التي تؤطرها المعايير الأخلاقية والصدق لتحل محل المعايير الوجدانية أو الآثار النفسية .
علينا أن لا نخلط بين المتهور والشجاع في ممارسة السلوك ،فالمتهور يُقدِمُ على الفعل بغض النظر عن العواقب ودون تقدير للموقف في حين أن الإنسان الشجاع له ما يميزه من الذكاء والقدرة على إدراك العلاقات القائمة بين الأشياء والمواقف والأحداث واتخاذ المواقف المناسبة في ضوء كل علاقة من تلك العلاقات دون الوقوع في الاندفاع والتصرف غير المدروس .
الشخص الشجاع يتمتع برؤية حادة في استشفاف المستقبل بقراءة واعية ودراية تتجلى واضحة حتى في التمتع بالقدرة التعبيرية للدلالة على الأفكار وما يريد أن يقول بتوازن ومنطق فضلا عن إتقانه اللغة ومخارج الحروف .
بقي أن نشير إلى إرادة التنفيذ التي يتمتع بها الشخص الشجاع لأقواله طالما كانت صحيحة وموضوعية تهيء الكمال لشخصيته في قدرة متوازنة بين الإقدام حيثما تطلب الموقف والإدبار والتراجع عن الأخطاء وليس هذا فحسب بل الاعتراف بالخطأ والاعتذار عنه وهو ما يجعله قادرا مطمئنا على اتخاذ القرار والتحدي للمواقف الضاغطة ولا يستسلم لها .
أما الجبان فهو خلاف كل ماذكرنا من صفات للشخص الشجاع حيث تجده ضعيفا في ذاته متألماً مستسلماً يتملكه إدراك مضطرب ودوني للذات وارتفاع القلق بشكل كبير لديه يصل درجة الهلع كما تراه متلونا مع كل موقف في علاقاته وأعماله واتصالاته متكيفا مع جميع المواقف حتى لو كانت متناقضة في وجدانه الداخلي معتمدا أسلوب المجاراة (الانبطاح) للآخر وبإرادة مسلوبة فضلا عن كونه كذابا ضعيف الإرادة أسيرا للشعور بالعجز والدونية والخوف من كل شيء ..
بعد هذا العرض الموجز والمختصر أترك لكم حق اختيار الوصف الذي يتوافق مع أركان العملية السياسية في العراق والمسؤولين فيه من الرأس حتى القدم.. فهل هم شجعان أم جبناء ؟؟؟ .
ــــــ
https://telegram.me/buratha