🖋 قاسم سلمان العبودي ||
كما أشعل المواطن التونسي محمد البوعزيزي أنتفاضة تونس التي أسست لما يسمى الربيع العربي ، أسس جندي عراقي عائد من دولة الكويت لشرارة الأنتفاضة الشعبانية الباسلة عام ١٩٩٠ .
كان الجندي ممتطياً دبابة روسية يسير منكسراً ،محبطاً ، يستشعر ذل المهانة حتى لمح جدارية كبيره جداً للرئيس المخلوع صدام حسين في ساحة سعد وسط مدينة البصرة ، وبلمح البصر أستهدفها بقذيفة دبابته التي على ما يبدو أنها كانت آخر قذيفة يحملها معه بعد أنسحاب مذل ومخزي من أرض الكويت ، وبذلك أشعل فتيل ثورة شعبية عارمة في المحافظة الجنوبية ، والتي سرعان ما سرت هذه الثورة في باقي مدن ومحافظات العراق ، سريان النار في الهشيم . لقد حسب النظام الجائر جميع حسابات الربح والخسارة ، وأن علت كفة الخسارة ، ألا أنه لم يكن بحساباته الساذجة هكذا أنتفاضة قد تطيح بأركان النظام الفاشي . خرجت جميع المدن العراقية من شماله الى جنوبه ، بأستثناء أربع محافظات وقد سميت فيما بعد المحافظات ( البيضاء ) في أشارة الى عدم أنتفاضة هذه المدن وعدم تفاعلها مع باقي المحافظات ، وهي نفس المحافظات التي خرجت منها داعش وأخواتها بعد عام الأحتلال سنة ٢٠٠٣ .
ترك المحتل الأمريكي الذي حرر الكويت ، الهدف الذي من أجله ضغط على الأمم المتحدة بأصدار قرار أممي بتحرير الكويت ، وذهب الى الرمزية القطرية العراقية . وقد تفاعلت دول الخليج مع ما ذهب أليه المحتل الأمريكي ، بالمحافظة على صنمية الرمز العراقي ، وخصوصاً مملكة آل سعود التي رفعت شعار ( ألف صدام ، ولاشيعي يحكم ) مما جعل النظام البعثي الفاشي يسحق الأنتفاضة وينكل برموزها التي جعلها الثوار قرينة لثورتهم الشعبية الكبرى . يبدو أن أوان التغيير لم يحن وقتها وفق المنظور الأمريكي ، وبديل الرئيس المخلوع صدام حسين لم يدخل المزاج الأمريكي والخليجي كون الأنتفاضة الشعبانية كانت ملامحها شيعية أسلامية .
تم أقتطاع المحافظات الشمالية بما أسموه خطوط العرض التي لا تسمح للطيران الصدامي أن تخترقه وأنشأ العدو ما أطلق عليه المنطقة الآمنه في شمال العراق ، والذي تحول الى أقليم مستقل فيما بعد وكأنه دولة ذات سيادة وعلم ، بينما أطلقو اليد بأستهداف مدن الفرات الأوسط والمدن الجنوببة ، ذات الأغلبية الشيعية . أستطاع النظام في تلك الأيام محق الثورة والبطش بكل من كان يدعي الأنتماء لها ، والمقابر الجماعية شاهد يحكي أنتقام النظام من الشعب المستضعف الذي خرج منتفضاً بسلاح بسيط .
عمدت الولايات المتحدة الأمريكية وشريكتها الكبرى بريطانيا ، بأيهام وتضليل الرأي العام العالمي الذي كان متفاعل جداً مع الأحداث المتسارعه التي حصلت في منطقة الشرق الأوسط عموماً والعراق على وجه الخصوص ، بتصوير الثوار على أنهم مدعومون من أيران ، وأن الأخيره هدفها الحصول على السلاح الكيمياوي الذي كان صدام يمتلكه فيما أذا نجحت الثورة ، وسقط هذا السلاح بيد المنتفضين ، والذي تبين فيما بعد أنه لاسلاح كيمياوي ، ولا ذري لدى حكومة البعث ، والذي أصبح بعد فتره هو الشماعه التي أسقطت أمريكا صدام البعثي بسببه .
عندما جائت أمريكا بهذه الوجوه الى دفة الحكم بعد أحتلال العراق عام ٢٠٠٣ وتنسيقها مع ما أسموه مجلس الحكم ، كان المفروض على القوى السياسية أن لا تنسى شهداء الأنتفاضة الذين قضو على أيدي النظام البائد وأركانه ، وأن يقاضوا بوش الأبن على الجريمة المروعه التي أرتكبوها بحق الشعب العراقي وأستباحة أراضية كا أحتلال بسبب أنشطة كيمياوية وبايلوجية لم يكن النظام السابق يمتلكها . لكن للأسف الشديد ، أكتفى هؤلاء فقط بأعدام الرئيس الطاغية صدام ، وتعويض مالي لذوي الضحايا ، وأغلقت قضية الأحتلال الغاشم ، وأسدل الستار على الأنتفاضة الشعبانية الباسلة ، والتي أستثمرها بعض معارضي الخارج لتمكين واشنطن من أحتلال العراق بعد الأتفاق الذي عقد في مصيف صلاح الدين شمال العراق عام ١٩٩٩ / ٢٠٠٠ .
واقع الحال ، هذا السلوك المتراخي من القوى التي جائت بعد أحتلال العراق ، قد ساهمت من حيث تعلم أو لا تعلم بضعف العراق والوصول به الى ما وصل اليه اليوم من هوان وتشضي . لو كان هناك مطالبات حقيقية بالأقتصاص من واشطن عن طريق المحاكم الدولية ، وتجريمها على تلك الجرائم التي أرتكبت بحق العراقيين ، لما آلت الأمور الى تلك الدرجة من التدخل الأمريكي الواضح برسم مسار العملية السياسية وفق ما تراه متماشياً مع ما أسموه صفقة القرن سيئة الصيت التي أركعو بها بعض الحكومات العربية .
الأنتفاضة الشعبانية العظيمة ، يجب أن لا تمحى من ذاكرة الوطنيين والأحرار ، والتي تعتبر نموذج ناصع في سفر العراقيين الرافضين لأحتلال بلدهم من قبل الأمريكيين والصهاينة ، ونعتقد بأن تلك الثورة الخالدة ، يجب تسليط الضوء عليها من قبل القوى السياسية العراقية ، وخصوصاً الشيعية منها كي تكون ركيزة نهضوية لدى الأجيال التواقة الى التغيير وحب الثورة .
https://telegram.me/buratha